أحرمت صباح الخميس – 25 من شهر ربيع الأول 1431 الموافق 11 من شهر مارس 2010 من محل إقامتي بمدينة الرياض بعد صلاة الفجر مباشرة، وتوجهت إلى مطار الملك خالد على رحلة شركة ناس متوجها إلى مطار الملك عبد العزيز بمدينة جدة، دقائق وأعلن قائد الطائرة أن الميقات بعد 30 دقيقة من الآن. وبوصولنا فوق الميقات أهللت بالعمرة وبدأت ألبي شوقا لبيت الله الحرام الذي مضى على رؤيته في آخر مرة ما يقرب من 11 شهرا، وراح ذهني يسبح متخيلا ومتأملا تلك المناسك التي هي غاية في الروعة، حيث تجمع بين الذكر والدعاء والحركة، الجري تارة والمشي تارة أخرى.. إلخ.

وصلت بلد الله الحرام ودخلت المسجد الحرام مع أذان الظهر، انتظرت ريثما تقام الصلاة، وبعد الصلاة بدأت نسك العمرة، ويا لورعة الكعبة، ويا لرمزيتها، ويا لمعاني التوحيد التي تلوح من الطواف بها، ويا للانسجام النفسي والجسدي في الطواف، ويا للرَّمَل ويا للاضطباع، ويا للاشارة إلى الحجر، ويا للركن اليماني، ويا للحطيم!.معان كثيرة ظلت تنسكب فوق رأسي وأنا متلبس بهاتيك الأفعال والأذكار والأدعية في الطواف، ولولا معاصينا ولولا ما نقترف من مخالفات لكانت فيوضات وتجليات تلك العبادة الرائعة تتكشف معانيها، وتلوح أسرارها أكثر وأكثر، ولله وحده نشكو وإليه متاب.

ويا ماء زمزم اقتربي، والحر شديد، وهنا أتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشرب من ماء زمزم ويسكب الماء فوق رأسه الشريف ويغسل وجهه الكريم بيديه!… أحقا فعل ذلك!؟ إنا أحتاج أن أفعل ذلك الآن، إنه دين الفطرة، وهو نفس ما شعرت به في الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأول من الطواف! أنا بحاجة للرياضة، أنا محتاج لأن أنشط، أنا بحاجة للتسخين الرياضي المعروف بين يدي التدريبات الرياضية، والألعاب التي تحتاج مجهودا!.

وبعد صلاة الركعتين، اتجهت للصفا، وسعيت سعي النادم الوجل، المشفق على نفسه، الآيب إلى رب حنّان لا يرد العاصين، ولا يخيب آمال الراجين، وتذكرت الفرق بين سعينا اليوم وسعي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يوم سعى بين هذين الجبلين، وهو يسير في الوادي، والرمال والحصباء وحرارة الأرض وقسوة الجو!! أين نحن اليوم من ذلك؟ والحق يقال أن المسعى صار اليوم آية من آيات الروعة وآيات العظمة، بسعته وحلاوة تصميمه وروعة تناسقه، وانسيابيته…فجزى الله من يسّر وسهّل على الناس مناسكهم.

وفي نهاية الشوط السابع خرجت للحلق، وقضاء التفث، سائلا الله عز وجل أن يحط معه الذنوب ويستر العيوب.

والذي لاحظته واضحا أن التوسعة حول الحرم لاسيما جهة الصفا والمروة ومن ناحية باب الملك فهد آخذة في الزيادة، وتخيلت روعة الساحة ساعة اكتمالها، وجمال وهيبة الحرم هنالك…

وبعد صلاة الجمعة توجهت إلى مطار الملك عبد العزيز بجدة متوجها مرة أخرى لمدينة الرياض على رحلة طيران شركة سما، وإلى أن هبطت بنا الطائرة في مطار الملك خالد بالرياض وأنا أجد حلاوة المناسك وروعة الكعبة الشريفة وهيبتها – أكاد أقول – لا تزال في فمي، وطيفها في عقلي، ودفأها في قلبي، وجميع ذلك في جوانحي ودمي.

رب أتممت نعمتك ويسرت لعبدك الضعيف زيارة أطهر بقعة في الأرض، وأشرف بيت وضعته مثابة لنا، فجد عليه وعلى جميع من دعا لهم بظهر الغيب بالعتق من النار، وارزقنا اللهم زيارته مرات عديدة في أزمنة مديدة، وارزقنا اللهم حسن الخاتمة. آمين.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon