إلى دومة الجندل
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

على هامش زيارتي لجامعة الجوف بمدينة سكاكا في 3 و 4 فبراير 2013 زرت محافظة دومة الجندل التي تقع في منطقة الجوف شمال المملكة العربية السعودية.

ودومة الجندل هي إحدى محافظات منطقة الجوف بالمملكة العربية السعودية وتقع جنوب غرب مدينة سكاكا (عاصمة المنطقة) التي تبعد عنها بحوالي 50 كم وتزخر دومة الجندل بالمواقع التاريخية والآثرية كقلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب وتتميز بوفرة مياهها وعذوبتها.

omar mosqueاندهشت شديد الاندهاش لهذين الأثرين التاريخيين العظيمين وشعرت وأنا داخل مسجد عمر بن الخطاب بالرهبة بالمكان وأصابني حالة من القشعريرة والإجلال لتاريخنا الغابر…

تعتبر قلعة مارد من أهم القلاع الأثرية في شمال المملكة العربية السعودية وتسمى أيضا حصن مارد، وقد بنيت من الحجارة على مرتفع يطل على دومة الجندل القديمة من الجهة الجنوبية، بارتفاع 2000 قدم تقريبا، ويعتقد أن القلعة قد بنيت في الألف الثانية أو الثالثة قبل الميلاد، وقد أعيد بناء بعض أجزاء من القلعة وذلك لطول فترة استخدامها أما الجزء الأكبر منها فقد ظل على حالته القديمة.

وتتكون القلعة من الداخل من مجموعة من الغرف بالإضافة إلى أربعة أبراج في جهات القلعة الأربعة وكانت تستخدم للمراقبة كما يوجد في داخل القلعة بئر عميق لا تزال في حالة جيدة وكانت ذات أهمية للموجودين داخل القلعة خاصة في وقت الحصار بالإضافة إلى البئر في أسفل القلعة أما من الخارج فهناك سور فيه فتحات للمراقبة ولها برجان بارتفاع 12م، وبشكل عام فان القلعة تتألف من طبقات إحداها للحرس والثانية للرماية، والثالثة للمراقبة وهكذا.

وكلمة مارد مشتقة من القدرة والامتناع وتعني كل شيء تمرد واستعصى. كما تضم صنم (ود).

ويرجع أقدم ذكر للقلعة إلى القرن الثالث الميلادي عندما غزت ملكة تدمر زنوبيا دومة الجندل وتيماء ولم تستطع اقتحام القلعة، فقالت قولتها الشهيرة: “تمرد مارد وعز الأبلق”.

omar mosque meaznahتحتوي القلعة على مبان من مراحل متعددة بعضها محكمة البناء تعود إلى عهود حضارية مزدهرة وهي الأقدم. وتعود على ما يبدو للفترة النبطية… وبعض المباني مضافة أو أعيد بناؤها بدلا من المباني المتهالكة؛ وتنسب إلى فترة متوسطة بعد ظهور الإسلام. وبعض المباني رديئة الأسلوب في البناء ومبنية بمونة طينية تنسب إلى فترة متأخرة يعتقد – كما كتب على لوحة هناك – أنها تعود إلى ما يقارب ثمانين عاما مضت.

وأما مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقع بجوار قلعة مارد في وسط المدينة القديمة وهو ملاصق لحي الدرع من الجهة الجنوبية ويعتبر من أهم المساجد الأثرية في المملكة العربية السعودية، حيث أنه يمثل استمرارية لنمط تخطيط المساجد الأولى في الإسلام، وينسب للخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ويقال أنه بناه سنة 17 للهجرة أثناء توجهه إلى بيت المقدس، إلا أن أحد كبار الباحثين السعوديين يرى أن نسبة المسجد إلى الخليفة الثاني غير مؤيد بدليل، ومهما يكن من الأمر فإن الناس قد تعارفوا على إطلاق اسم عمر بن الخطاب على المسجد.

وقد بني المسجد من الحجر، ورمم أكثر من مرة، كما تتبع للمسجد مئذنة بنيت من الحجر بارتفاع حوالي ثلاثة عشر مترا.

يقول أحد المؤرخين السعوديين أنها أول مأذنة في الإسلام.

صليت ركعتين بالمسجد، وتمنيت لو يتاح قضاء اليوم كله داخله، ولكن المشاغل والتكاليف لا يسمحان بذلك…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon