ابتسم مهما كان الألم
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

منذ رأيت صورة هذا الطفل البريء الباسم لأوّل مرّة منذ عدة شهور، وأنا مُغْرم بالنظر إلى وجهه الكريم أتأمّله طويلا من حين لآخر، ونادرا ما أغلق الصورة إلا وعيناي تجودان بالدموع…

ولا أدري أهي دموع الفرح تأثرا بضحكته الحُلوة وابتسامته البريئة؟ أم دموع الأسى لحاله وبؤسه؟

ولا أنفكّ أكرّر ذلك النظر إليها بشكل دوري؛ حتى أدمنت ذلك التأمّل!!!…


هذا الطفل البائس الذي يرعى غُنيمات له في بيئة قاسية كما يبدو من الصورة… على بؤسه هذا وحاله هذا؛ يضحك هذه الضحكة المُجلجِلة التي تكاد تسمع صوتها أذناي، قابضا على عصاه، مُغْمِضا عينيه، فاتحا فيه بأروع قهقهة، خالطا ضحكته البريئة، وابتسامته الرائعة، بمِسْحَة من الحزن، وشَهْقة من الأسى الدفين؛ تكاد أذناي أن تسمع لها صوتا أيضا!..

كيف جمع وجه هذا الطفل البريء كل هذه المتناقضات؟ وكيف جمع مع هذه المتناقضات غمضة من عينيه عن واقع أليم؟ ومستقبل غير معلوم؟! كيف صوّر هذا العبقري واقعنا؟ وحكى لنا الحكاية كلها في هذا المشهد؟… كيف؟…

مع وقفة عِصاميّة، مرسلا بأُبّهَة يده اليسرى للأسفل مخفيا كفه داخل كمه كعادة الشباب (الرِّوِش)… مستدفئا لأذنيه بطاقية ثقيلة تحميه من البرد…

ويا ترى عَلامَ يضحك؟… ومع مَن يتكلّم ويتحاور؟… وعن ماذا يُغمض عينيه؟…

يبدو لي من الصورة أن بالمشهد موقفا فيه جَلَبة وصوت عالي؛ يستدعي أن تترك شياهه كلها الأكل وتنظر إليه…

ومن يا تُرى هذا المصوّر البارع الذي التقط لنا هذه الصورة؟ ونقل إلينا كل هذه الملامح البريئة، واللوحة الصادقة، بضغطة من إصبعه؟…
وددت- والله- لو عرفته؛ فأحييه وأشكره…

وودت لو التقيت بهذا الغلام البريء؛ فأحتضنه، وأقبّل يديه، وأملأ عيني من محيّاه…

لقدت التقيت بعشرات ممن يملكون المليارات، ويسكنون القصور، ولم أجد عندهم معشار ما عند هذا الطفل العبقري من ملامح الرّاحة، وعطايا الوجه الإنساني المكرّم عند خالقه جل وعلا…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon