عبد الحي الفرماوي

الأستاذ الدكتور عبد الحي الفرماوي في ذمة الله
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

ودعت مصر اليوم واحدا من علمائها الكبار، وعلما من دعاتها الأبرار، ونجما من المربين الأخيار…
ذلكم هو فضيلة أستاذنا الشيخ عبد الحي الفرماوي رحمه الله. أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر…


بلغني خبر وفاته رحمه الله بعد عودتي من السفر عن طريق منشور للإذاعي المحترم؛ الدكتور د.محمود خليل حفظه الله ينعي فيه فضيلته رحمه الله…
ولعل الظرف لا يسمح الآن بذكر مآثره وفضائله وما لمسته بنفسي عن قرب في فضيلته رحمه الله… أسأل الله أن يهيئ لذلك قريبا إن شاء الله.
ونسأل الله في علاه أن يتغمده برحمته، وأن يجزل له العطاء، وأن يرفع درجته، وأن يجزيه عن الإسلام والمسلمين وعن ما قدم لأمته خيرا…

هذا وقد كنت تعرضت لذكر فضيلة الشيخ عبد الحي الفرماوي رحمه الله في مقالي عن كتاب تحفة الناظرين ومما جاء فيه:

في ذات ليلة من ليال العشر الأخيرة من رمضان عام 1991 وأنا بمسجد بكري بالإسكندرية جاءت في رأسي فكرة؛ أن أجمع بعض المباحث المهمة في علوم القرآن، ثم أصورها وأوزعها على المصلين من طلبة العلم بالمسجد… من باب مدارسة القرآن في شهر القرآن.

بدأت في العمل بالفعل… لكني مكثت فيه حوالي ثلاث سنوات…فانتهيت منه في أواخر عام 1994… ولم أصور منه شيئا ولم أوزع منه شيئا كما خططت… لكني بدأت بإلقائه على هيئة دروس غير دورية بمسجد التوحيد بالهانوفيل… ثم بعد ذلك في مسجد السلف الصالح بالهانوفيل أيضا.

ثم شاء الله جل وعلا أن أتعرف على أحد الناشرين العرب بإحدى الدول العربية في عام 1996… فأطلعته على بعض البحوث في موضوعات مختلفة… وافق الرجل – جزاه الله خيرا – على نشر بعض ما كتبت… ومنها هذا البحث… فلم أر الكتاب مطبوعا إلا في منتصف عام 1998… ففرحت بطباعته فرحا شديدا دون سواه مما طبع.

وفي شهر رمضان من عام 1999 التقيت بفضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، فأهديته نسخة من الكتاب… فأعجبه وسألني عن مصادري في الإحصاءات التي ذكرتها بالكتاب… ولم يكن قد تم خدمة القرآن الكريم والسنة بالحاسب الآلي وقتها كما هو الحال الآن… إذ ذكرت فيه عدد كلمات القرآن وحروفه وعدد كلمات وحروف كل سورة من سوره، وترتيبه حسب طول السور وقصرها، وترتيب السور بحسب النزول… وما إلى ذلك.

أسميت البحث “تحفة الناظرين في الكتاب المبين” ضمنته جملة مهمة من القضايا التي يلزم طالب العلم معرفتها في مبادئ علوم القرآن… ومن هذه البحوث:
– تعريف القرآن
– الفرق بين القرآن والحديث القدسي
– نزول القرآن
– تاريخ جمع القرآن
– المحكم والمتشابه
– النسخ في القرآن
– بلاغة القرآن
– القراءات المتواترة
– القراءات الشاذة
– تاريخ تفسير القرآن
– إحصاءات مهمة في القرآن
– سور القرآن
– تنبيه بخصوص فضائل بعض السور
– أسماء القرآن
– كيف كان الصحابة يقسمون القرآن
– أخلاق حملة القرآن
إلى غير ذلك من المباحث المهمة التي لا يقبل من طالب العلم أن يجهلها…

وقد صدرت الكتاب بتعريف مهم بالقرآن… والكلام حول إعجازه عند السلف… وبعض مواطن الإعجاز فيه… ومظاهر هذا الإعجاز مثل:
– كونه على نسق فريد وتصرف عجيب
– كونه عجيبا في نظمه
– إحكام التعبير عن المعاني
– كونه سهلا منزها عن الحشو المستكره
– كونه يتلألأ في ثنايا الكلام إذا استشهد به
– إخباره بأحوال الأمم الماضية وبالأخبار الآتية
– اشتماله على بعض الحقائق العلمية
– كونه مشتملا على منهج كامل للحياة

وقد جاء في مقدمة الكتاب: ( … وها أنا ذا أحاول أن أسهم بنصيب متواضع… فأذكر بحوثا أصولية بأسلوب واضح يناسب أهل العصر على اختلاف درجاتهم في الثقافة والفهم، بعيدا عن التعقيد والتكلف في صناعة الألفاظ وتراكيب الجمل.

وأذكر بحوثا إحصائية سلسة سهلة ميسورة المتناول، ثم أذكر ملحا فقهية ونقاطا بلاغية واستباطات لغوية وأبوابا تخص حفظة القرآن… وبعض الفوائد الأصولية والقواعد الكلية وبعض الفوائد العقائدية المتعلقة بالقرآن…

ثم إني لم أرتب هذه الأبواب بنظام معين، فلم أجعلها خاضعة لقانون معين؛ وذلك بقصد الانتقال من أمر لآخر؛ تشويقا للقارئ فلا يمل المطالعة والبحث والاستفادة. فلك غنمه وعلي غرمه…).

ومنذ ذلك الوقت… كلما دخل شهر رمضان تصفحته وأعدت النظر في بعض مسائله؛ من باب مدارسة القرآن… فقلت أشرككم معي… والله من وراء القصد محيط.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon