الزحام فرصة عظيمة للتفكر والتأمل في عظمة الله

بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

الزحام فرصة عظيمة للتفكر والتأمل في عظمة الله في خلقه… وطلاقة قدرته في إبداعه وصنعه… فرصة للتفكر والتأمل من خلال التفرّس في صفحات وجوه بني آدم…

بيد أن الزحام يخنقنا ويتعب نفوسنا ويكدر صفونا… لأنه ضد رغبة الإنسان في الحرية والانطلاق والسير في الأرض دون قيود أو مكبلات… ولذلك تضيع علينا فرصة هذا التفكر وذلك التأمل ساعتئذ…

فإذا كان الزحام بسبب موسم عالمي كالحج مثلا… أو بأحد الحرمين حيث يتاح لك رؤية مختلف الجنسيات في مكان واحد… صارت تلك الفرصة أكبر وأجل… ذلك لأنك سترى بديع الصنع في وجوه خلقه من كافة أطراف المعمورة…


لا أقصد أنك سترى الأبيض والاسود… والطويل والقصير… و… و… لا…
إنما أقصد مطلق الفوارق الدقيقة… والتي سأتجاوز بها كونك ترى أبناء كل بلد معين كأنهم شخص واحد لا فرق بينهم يختلفون عن غيرهم… لا… لكني أقصد تصفح الوجوه والتفرس في تلك الملامح… واستنتاج طبائع البشر من خلالها… واستلهام صفات خُلُقية (بضم الخاء واللام) للإنسان من سماته الخِلْقية (بكسر الخاء وتسكين اللام)…

فسريعوا الغضب تجمعهم ملامح واحدة في كل السحنات مهما اختلفت أجناسهم وتباعدت ديارهم وبلدانهم…

والطيبون تجمعهم ملامح واحدة… والخبثاء تجمعهم ملامح واحدة كذلك…
والصالحون تجمعهم ملامح واحدة… والطالحون تجمعهم ملامح واحدة كذلك…
وقس على ذلك…
وشكل عيون هؤلاء مختلف عنها في آخرين… وأنوف قوم غير أنوف آخرين… وانبساط خدود قوم غيرها في آخرين…

وأما الحاجبين ففيهما آيات للسائلين؛ ففي قوم قرن وفي آخرين ابتعاد…
وفي عيون قوم دعج… وفي آحرين حور… وفي غيرهم اختلاط مابين الحمرة والبياض…
وقوم فطس اﻷنوف وآخرون طويلوها…
وفي قوم نعومة شعر وفي آخرين جعودة وقطط…
وفي قوم جمة تضرب حواجبهم وفي آخرين صلع…
وأقوام ممشوق قوامهم… وآخرون ثجل ذوو بطون ضخمة…

وأما الأصوات فحدث ولا حرج…
ففي أصوات قوم صحولة وجمال… وفي قوم بحوحة أجمل…

وفي غيرهم مزيج منهما… وفي قوم قبح في الصوت أقرب ما يكون من صوت الرعود أو صوت انفجار أو ارتطام…

وفي قوم دمامة وقبح صورة وبلادة سحنة وفي آخرين جمال وحسن صورة وحلاوة سحنة…

وفي صفحات وجوه قوم حدة ذكاء وفطنة وسرعة بديهة… وعلى العكس من ذلك؛ فعند آخرين بلادة وغباء وخبل وحماقة… تنم عنها سحناتهم حتى تكاد تنطق ملامحهم بصوت تحدثك بحديث تسمعه أذناك…
فسبحان الله الخلاق الحكيم…

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى رجلا أحمق يقول: سبحان الله! إن خالق هذا وعمرو بن العاص واحد. وذلك لدهاء عمرو… وذلك لمجرد تفرس في وجه ذلك الأحمق.

وكلامي هنا دعوة للتأمل والتفكر في بديع الصنع وطلاقة القدرة الإلهية في خلق وجوه العباد… وإعمالا لاسم من أسمائه الحسنى وهو اسمه الكريم (المصوّر) جل جلاله…

وليس مذمة لجنس دون جنس.. أو انتقاصا من شعب دون آخر… ولا للتندر والتفكه… ولا للإزراء بقوم دون آخرين… ولا لتفضيل عرب على عجم… فكلنا في ذلك سواء.

واستعمالا لدعوة الخالق العظيم في كلامه الحكيم (إن في ذلك لآيات للمتوسمين)…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon