الشيخ عبد المتعال الصعيدي والقسّ زويمر
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

للشيخ عبد المتعال الصعيدي رحمه الله من علماء الأزهر الشريف (1311-1386) ه (1894-1966) م كتاب صغير الحجم عظيم النفع اسمه (لماذا أنا مسلم؟) يفنّد فيه مزاعم المنصّر القسّ صموئيل زويمر (1867-1952) م في عشرين مناظرة له مع أحد الفضلاء من أعيان القاهرة اسمه محمد مختار وذلك عام 1926م.

وزويمر من علماء المسيحية الذين درسوا الإسلام دراسة لا يراد منها الوصول الي الحق… وإنما يراد منها تشكيك المسلمين في دينهم وليس إدخالهم في دينه الذي يؤمن به، وله عشرات الكتب والدراسات التي ملأها بالشبهات التي تحاول تشكيك المسلمين في دينهم.

رمز الشيخ عبد المتعال الصعيدي رحمه الله إلي القس زويمر في كتابه (لماذا أنا مسلم؟) بالحرف (ز) دون التصريح بإسمه، وجاءت ردوده على هذا المنصّر القس على لسان محمد مختار إبداعاً فكرياً متميزاً وممتازاً، استخدم فيه العقل والنقل والفطرة وحقائق التاريخ، وقدّمَ كما يقول د. محمد عمارة – إشراقات من الاجتهادات الجديدة التي لم يسبقه إليها أحد من علماء الإسلام الذين أبدعوا في هذا الفن من التأليف على مر التاريخ .

كما التزم المؤلف رحمه الله في هذه المناظرات آداب البحث والمناظرة التي علمنا إياها القرآن الكريم .

قدم المؤلف رحمه الله بين يدي هذه المناظرات العشرين بمقدمة علي لسان محمد مختار رداً علي القسّ زويمر عندما سأله: لماذا انت مسلم؟ فقال: نعم أيها القسّ الفاضل، سأبين لك: لماذا أنا مسلم؟ ولماذا نصرّ على إسلامنا بعد أن فرّطنا في العمل بفروعه هذا التفريط؟ وأبيّن لك قوة الأصول الإسلامية التي تجعل المسلمين يصرّون عليها هذا الإصرار العجيب، مع تفريطهم في العمل بفروعها، وتساهلهم في أمر هذه الفروع ذلك التساهل.كانت المناظرة الأولي عن كيف يعتز المسلمون بدينهم رغم ضعفهم! وعن أصول الإسلام وأوّلها التوحيد، وتأثر اليهودية والنصرانية بالوثنية.

كما قدّم المؤلف رحمه الله للمناظرة الأولي على لسان محمد مختار بمقدمة في غاية الأهمية فقال: سألتني أيها القس الفاضل: لماذا أنا مسلم؟ مع أنّا تهاونّا في ديننا ذلك التهاون، وعجبتَ لإصرارنا على أصول الإسلام بعد تساهلنا في فروعه، وقلتُ لك: إن هذا يرجع إلى قوة هذه الأصول، وقوتها ترجع إلى ملاءمتها للفطرة الإنسانية، بحيث لا يمكنها النزوع عنها، فالآن أبيّن لك أصول الإسلام التي تضمن له الخلود إلى ماشاء الله، وتكفل له الظهور والقوة ولو أصاب أهله من الضعف أضعاف ما يصيبهم الأن، فهم يعتزّون في ضعفهم بقوة دينهم، ويرجون عليه الله في الآخرة ما لا يرجوه غيرهم، وأما هذه الدنيا فدُوَل، يوم لهم ويوم عليهم، وما يصيبهم ضعف فيها إلا ومنشؤه عدم علمهم بهذا الدين، فالذنب في ذلك عليهم لا عليه. وهذه الأصول تنقسم إلي قسمين، أصول اعتقادية وأصول تشريعية، والأصول الاعتقادية في الإسلام ترجع إلى أصلين عظيمين هما أساس كل الأصول الاعتقادية فيه… الأصل الأول: التوحيد… والأصل الثاني: التصديق بجميع الرسل… وهو ما تم مناقشته في المناظرتين الأولى والثانية.

وجاءت المناظرة الثالثة عن جلب المصلحة ودفع المفسدة. وجعل المناظرة الرابعة في مراعاة الزمان والمكان وجهود اليهودية والنصرانية.

وكانت المناظرة الخامسة في تعدد الزوجات وكونها تتغير بتغير الزمان والمكان وشدة القيود فيها، وكراهة التعدد عن الضرر أو عدم الحاجة، وأسباب تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم.

وجعل المناظرة السادسة عن الطلاق في الإسلام وكونه شُرع للمصلحة لا للمضرة وما شرعه من معالجة فساد المرأة قبل الطلاق وكيف أخذت بعض الحكومات النصرانية بالطلاق.

وجاءت المناظرة السابعة فى قضية الرِّقّ وكيف أن الحكومات الحديثة تسترق شعوبها، وكون الرّقّ ضرورة من ضرورات الحرب.

وجعل المناظرة الثامنة عن الحرب في الإسلام ودعوته للسلام ومعنى الفتح في الإسلام.
وجاءت المناظرة التاسعة عن معجزة القرآن واختصاص الإسلام بالقرآن الكريم.المناظرة العاشرة عن مريم وتفنيد زعم غلط القرآن في نسّبها.

المناظرة الحادية عشرة عن الكعبة وكونها قبلة الإسلام وسبب العدول عن الكعبة والعود إليها.

المناظرة الثانية عشرة عن الدولة في الإسلام وكون غاية الإسلام التقريب بين الشعوب لا توحيدها وجواز تعدد الدول في الإسلام.

المناظرة الثالثة عشرة في العلم والفلسفة في الإسلام وموقف الدين من العلم والفلسفة.

المناظرة الرابعة عشرة: كانت في مسألة المعاد وما جاء في القرآن من الأوصاف الحسية للثواب والعقاب.

المناظرة الخامسة عشرة: في قصة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها.

المناظرة السادسة عشرة: في هجر النبي صلي الله عليه سلم أزواجه شهراً وسبب ذلك.

المناظرة السابعة عشرة: في نسبة الخداع والمكر إلى الله ومعني ذلك على الحقيقة.

المناظرة الثامنة عشرة: عن كتاب تنوير الأفهام في مصادر الإسلام لـ (سنكلير تسدل) في قضية زعم أخذ الإسلام من عادات العرب، وسقوط هذا الزعم وحقيقة إقرار الإسلام لمكارم الأخلاق وبعض شرائع من قبلنا.

المناظرة التاسعة عشرة: وفيها قال محمد للقسّ زويمر قد تبيّن لك الأن أيها القسّ الفاضل لماذا أنا مسلم؟ وقد شرحت لك في هذا أصول الإسلام وفروعه، فلم أجد في أصل أو فرع منها ما يحتاج إلى تحوير يخرج به عن قاعدته الأولى، أو يخرج بالإسلام عن طريقه الأول، وإنما هي أصول وفروع ثابتة كما أنزلت، لا تغيير فيها ولا تبديل، ينادي بها المسلم في كل عصر وجيل، ولا يجد فيها ما يضطره إلى أن يتراجع بها إلى الوراء أو ينحرف بها ذات اليمين وذات الشمال.

وأخيراً جعل المناظرة العشرين: عن أتباع المسيح الحقيقين، وأن أتباع المسيح بعد الإسلام هم المسلمون لا النصارى واليهود.

وأخيرا… فإن الناظر بعين الفاحص للقضايا التي أثارها القسّ زويمر في مناظراته، يجدها أمور تدل دلالة واضحة على غرضه الأساس الذي عاش من أجله وهي التشكيك في الإسلام، وإلقاء الشبهات التي هي أهون من خيوط العنكبوت، وكيف تمكن مناظره من إسقاط كل هذه الشبهات وأطاح بها وفنّدها.

شكرا لمجلة الأزهر التي أتاحت لنا فرصة الاطلاع على هذا النوع الراقي من المناظرات التي نفتقدها ونفتقد روحها في حياتنا هذه الأيام

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon