اللغة العربية ونهضة الأمة
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

لا يمكن لأمة أن تنهض بغير لغتها
حكمة عظيمة، قيلت عن خبرة ومراس…

فكّر فيها وتأملها؛ لتدرك خطورة ما وصلنا إليه…

للأسف؛ ليس بعض الرؤساء وحدهم من يلقون خطاباتهم بغير لغة بلادهم…

فمراسلات بعض الشركات العربية (إن لم يكن معظمها)… ومراسلات الكثير من الزملاء والأصدقاء – وهم عرب – بغير اللغة العربية…

قال لي أحدهم: بصراحة أنا لا أكتب بالعربية لأني لا أعرف!…

وبعضهم يعد ذلك صعبا وأن تحقيقه إنجاز ضخم؛ حتى قال لي زميل عمل معي لفترة طويلة: أهم ما تعلمته منك أني اليوم أكتب باللغة العربية لا أخطئ…

وبعضهم يتهته إذا تكلم بالعربية و(لبلب) إذا تكلم باللغة الأعجمية…

واللغة العربية وعاء الإسلام، ولغة القرآن، ولسان أهل الجنة…

وببعد العرب عنها؛ حيل بينهم وبين دينهم، وبين النهضة والتقدم…

وثمة درس عملي معاصر للتدليل على تطبيق هذه القاعدة؛ أن دولة الكيان الصهيوني أحيت اللغة العبرية بعد أن اندثرت، لعلمهم بأهمية ذلك لقيام دولتهم العصرية…
فوا أسفاه!…

ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم عندما نعى اللغة العربية فقال:

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي

رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي

وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي

وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ
وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني
وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني
أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي

أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً
وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً
فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ
يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي

وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ
بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ وَشَتاتِ

سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي

حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ
لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ

وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ
حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ

أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً
مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ

وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً
فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي

أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ
إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ

سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى
لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً
مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ

إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي

فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي

وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon