من يقولون ومن يعلمون

توحيد الجهود المبذولة
بقلم: ربيع عبد الرؤوف الزواوي

في نظري أن الحرب على الإسلام والمسلمين اليوم أخطر من التي كانت ذي قبل؛ فالحروب الأولى لم يكن الخطر فيها جاثما على تفكير وعقل المغلوب فيها، والهزيمة فيها لا تعني أن يقتنع المهزوم بالذي هزمه كهذا الأخير، إنما يظل المغلوب تجري في عروقه نخوة الرجولة وتغاير الأبطال، وتتحرك في نفسه كوامن الغلظة على الأعداء؛ التي أنطفأت عند الكثيرين إلا من رحم الله، ويظل يتحين الفرصة التي ينقض فيها يوما على ذلك الغالب، وتلك سنة الله في خلقه (ولن تجد لسنة الله تبديلا ).

أما هذه الحرب فالمهزوم فيها مقتنع وممجد لهذا الغالب الظالم الذي وجه سهامة في الصميم، وينظر إليه بعين الإكبار والتعظيم، يسعى للتقرب منه وللفوز برضاه، ويلهث خلف ما سلط عليه ذلك الغالب من وسائل ترفيهية، وآلات تدعو إلى الراحة وترك شظف الحياة المهم أحيانا لتربية الرجال الأشداء، الذين لا يعرفون الراحة ولا يسعون لها، ولا هي من أهدافهم التي يعيشون من أجلها.

وقد سلط الغالب في هذه الحرب صنوفا شتى من الإغراءات وأنواعا لا تحصى من الأطعمة والأشربة التي يحسبها من يحيون من أجلها أنها على شيء (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا).

ولكن- والحق يقال – أن هناك أولى بقية رغم كل ذلك، ورغم خبث المكر، يعلمون حقيقة الأمر، ويعملون لجهاد ذلك المستعمر الخبيث، وينبهون الغافلين ويداوون المرضى بهذا الداء الخطير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويدعون الناس جميعا إلى الله، ويقومون بواجب الدعوة إلى الله وفقما يرونه صوابا.

لكن لشدة المرض الذي استشرى انشغل أولو البقية المخلصون بالمرضى عن مسبب المرض، ولكثرة المرضى كثر أولو البقية وتفرقوا وتعددت صفوفهم، ولطول الوقت – للأسف الشديد – أختلفت طرائقهم، وتباينت أدويتهم ومدارسهم ومناهج دراستهم، ونسوا بعد طول وقت ماذا يفعلون، وأي داء يداوون، وأي مرضى يعالجون وأي نوع من الميكروب يرصدون.

نسوا مسبب هذه الأمراض التي يعالجونها، لا سيما والمرضى يحملون ( فيروسات) أخرى لأمراض موجودة حتى فيمن نجى من هذا المرض العضال.

أولو البقية سيبقون ما يقيت هذه الحياة، جهودهم – على كل حال – مشكورة، وأجورهم على الله – إن شاء الله – مكفولة، هم حملة الرسالة، و صفوة المجتمعات، والنزاع من القبائل، الذين لم ينبهروا بزخرف الحياة الذي هو ما أفظعه في هذا الزمان.

إلا إنهم – والحق يقال – محتاجون هم أنفسهم إلى من يحوطهم بتوجيهاته، ويساندهم بتقديم خبرته، ويدفعهم بحسن رعاية، ويصونهم عن التخبط في الطريق بأن ينير لهم مشاعل تضئ لهم تلك الظلمات التي تواجههم في سيرتهم.

يحتاجون لمن يلم شعتهم، ويجمع شملهم.
يحتاجون إلى من يصل جهدهم المبذول ببعضه البعض.
يحتاجون إلى من ينقي ويغربل ويصفي تلك الجهود المبذولة.
يحتاجون إلى من يكمل بعض جهودهم ببعض.
يحتاجون إلى من يعمل على توحيد تلك الجهود ويذيب ما تراكم خلال الزمن الطويل من ران على القلوب وصدأ على الخواطر والبواعث وكوامن النفوس.

جهودهم تحتاج لمن يوحدها صفا واحدا (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص).

يحتاجون إلى من يذكرهم بوحدة هدف أعدائهم، واجتماع كلمتهم ضدهم و أن جهودهم موحدة.

والأمل كبير في وجود أولئك الحداة الذين هم بمثابة صمام الامان، والأمل كذلك كبير قي أن أولي البقية أهل لإن يتكاتفوا ويتحدوا غيظا للشيطان وكيدا لأعداء الله، والله غالب على أمره.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon