جهود الشيخ موسي شاهين لاشين رحمه الله في كتابه فتحُ المُنعم شرح صحيح مُسلِم

بقلم / ربيع عبد الرؤوف الزواوي

مكث الشيخ موسي شاهين لاشين رحمه الله أكثر من ربع قرن يؤلف كتابه النافع (فتحُ المنعم) شرح صحيح مسلم، وأتي فيه بالفوائد النافعة والدٌرر العلمية الرائعة، وقد خرجت الطبعة الاولى من الكتاب عام 1423/2002 دار الشروق بالقاهرة ، وبين يدي الآن الطبعة الثانية للكتاب بدار الشروق أيضا، ولا تظهر عليها سنة النشر ولكن قطعآ بعد عام 2002 وهي نسخة فاخرة عليها مقدمتين من المؤلف رحمه الله مقدمة الطبعة الثانية ومقدمة الطبعة الأولي، وهي نسخه تتكون من عشرة مجلدات ضخمة بفونت جميل وتنسيق راقٍ.


مضي المؤلف رحمه الله في الكتاب على منهج التزمه من أول الكتاب حتي آخره بدأ فيه بكتاب الإيمان، مؤجلاً شرح مقدمة مسلم إلى ما بعد شرح الأحاديث ليضعها في جزء خاص أسوةً بالحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري.

يضع الشيخ رحمه الله بعد كل حديث أو مجموعة طرق للحديث في نفس المعني تحت عنوان (المعني العام) شرحا عاما للحديث أو الأحاديث، بعبارة مبسطه وأسلوب سهل؛ حرصاً منه رحمه الله على تعميم النفع واستفادة العامة والخاصة من الحديث.

ثم تحت عنوان (المباحث العربية) يتكلم الشيخ رحمه الله عن كلمات الحديث وتراكيبه من الناحية اللغوية، وما يحتاج إليه طالب العلم حول الحديث من النحو والبلاغة.

ثم يَبْسُط الأحكام الشرعية ويجمع الروايات المختلفة ويعرض آراء العلماء في وجه الاستدلال بالحديث أو الردّ عليه، وأبرز ما يؤخذ من الحديث من أحكام وفوائد تحت عنوان (فقه الحديث).

والحق أن الشيخ رحمه الله كان يقدّر حجم العمل ومشقتة لكنه جعل توكلهُ على الله وتوفيق الله رائدة في إنجاز ما تم حيث يقول رحمه الله في مقدمة الطبيعة الأولى:(…. هذا وإنني أقدر خطورة المهمة ومشقتها، وكم وقفت أمامها في خشوع ورهبة وإجلال مؤمناً بأن الميدان فسيح رفيع، ولكني أدخله معتمداً على تسديد الله وتوفيقه، مقرّاً بالقصور، مصمماً على عدم التقصير).

ثم يتعلل لنفسه واضعاً سياسته وأهدافه من هذا العمل فيقول: (…. ولئن كنت أقدمت على أمر جلل فعذري أن الكل متهيب وجل، أو تعوقه العوائق، أو يقعده الكسل، وباب العلم والتأليف مفتوح للمكثر والمقلّ، وليس من الحكمة الوقوف أمامه، والتقاعس عن دخوله، استصغاراً للنفس، واستقلالا للجهد، إذ ما يدرك كله لا يترك كلّه).

وقد كان لتأليف هذا الكتاب ظروف لصها المؤلف رحمه الله في مقدمه الطبعة الأولى فيقول: (…. بعد أن عُينت مدرساً للتفسير والحديث بكليه أصول الدين جامعة الأزهر، ورأيت أن المقرر في منهجها أحاديث صحيح مسلم، وهو كتاب لم يُخدم بالشرح كما خُدم البخاري، وليس فيما ألفه المؤلفون في شرحه ما يغني الطالب أو يشبع الراغب، وأحسستُ حاجه الطلاب إلى شرح يناسبهم، وعذرتهم في مطالبتهم بذلك وإلحاحهم وملاحقتهم لأساتذتهم. أمام هذه الظروف فضلت التعجيل بشرح صحيح مسلم في كتاب سميته (فتحُ المنعم) ورسمت له منهجاً وطريقة أرجو أن يسدّد الله خطأي في سلوكها، وأن ينفع بها إنه سميع مجيب).

ولقد تمثل منهج أو طريقه الشيخ رحمه الله في الكتاب بأن يجمع الروايات المتعددة للحديث الواحد ثم يقوم بشرحها كوحدة، يجمع هذه الروايات تفادياُ لتكرار الشرح وتخلصا من إحالة اللاحق على السابق. كما اختصر الأسانيد واقتصر على الراوي الأعلى.

وفي الطبعة الثانية التي بين أيدينا يقرّر المؤلف رحمه الله أنه أمضى ثلاثة وعشرين عاماً يواصل فيها الليل بالنهار ويسابق الزمن ويخشي القدر.

وقد امتازت الطبعة الثانية بوجوه عده؛ منها:

– وضع اسانيد مسلم رحمه الله بالهامش ليفيد منها من أراد من طلاب العلم وأهل الحديث، وقد التزم ألفاظها واكتفي في صدر الصفحة بالمتن والراوي الأعلى مصدراً بكلمة (عن).

– أعاد أحاديث مسلم إلى ترتيبها، ولم يجمع الروايات لمتعددة المتباعدة للحديث الواحد كما فعل في الطبعة الأولى حفاظاً علي أمانة النقل بدلاً من تقديم الهدف.

– ترقيم الأبواب والالتزام أحياناً بتبويب الإمام النووي رحمه الله.

– ترقيم أحاديث الإمام مسلم رحمه الله مسلسلة من أول الكتاب إلى آخره، واعتمد الرواية التي تزيد في المتن أو تنقص أو تغيّر ولو كلمة وأعطاها رقماً.

– اعتمد ترقيم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله .

– رقم أحاديث كل باب بأرقام مستقلة جعلها مقاماً تحت أرقام الاستاذ محمد فؤاد عبد الباقي مفصولاً بينها بشرطة أفقيه هكذا -.

– جودة الإخراج وعلو مستوي الطباعة وإخراج الكتاب.

– إسناد التصحيح في هذه الطبعة إلي علماء الحديث المتخصصين.

وأخيراً فقد بذل الشيخ رحمه الله في الكتاب جهداً ضخماً وأبلى بلاء حسناً نسأل الله تعالى أن يثيبه عليه، وأن يجزل له العطاء، وأن يرفع درجته، ويعلي مقامه، وأن ينفع به طلاب العلم وأن يضع له القبول.

كتبه: ربيع عبد الرؤوف الزواوي القاهرة في: 5/ 3/ 1435 – الموافق: 6 / 1 / 2014.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon