نص الاستشارة: طفلي يبلغ من العمر ثلاث سنوات وبدأ في الذهاب الى المدرسة في الروضة وهو حاليا معي في استراليا لأنه لدي بعثة وأدخلته مدرسة انجليزية وقبل بعثتي كان قي مدرسته التي تعود عليها في السعودية ، والمشكلة أنه عندما أذهب به إلى مدرسته هنا في استراليا يبكي ويعلوا بأعلى صوته أنه لايريد الذهاب الى المدرسة ومفجوع من اختلاف الناس بسبب اللغة فما علاج ذلك ؟ وهل ممكن يتكيف مع الوضع الحالي ؟ خلال فترة بعثتي في استراليا. أفيدوني جزاكم الله خير. أختكم أم مدحت.

الجواب: الأخت الفاضلة في البداية نسأل الله أن يربط على قلب طفلك، وأن يهديه ويشرح صدره… وبعد فإن شعور الكبير عندما ينزل ببلد غريب عن البلد الذي نشأ به وتعود عليه يكون قاسيا أحيانا، لا سيما إذا فارق الأهل والأحباب ومن تعود عليهم. ولكن الكبير يكتم شعوره، ويكظم ألمه ومرارة ما يجد، وربما يبث أحزانه وما يجد من مشاعر قاسية لمن يجلس معه. وهو نفس الشيء للطفل، ولكن الطفل لا يتجمل ولا يتحمل كما يتحمل الكبير بطبيعة الحال، ومع مرور الوقت ربما هدأ شيئا فشيئا حتى يذهب عنه ذلك.

وأما بكاءه وعدم رغبته في الذهاب للمدرسة فهو شيء عادي، فإن الأطفال كثيرا ما يفعلون ذلك حتى في أوطانهم لاسيما في سنيهم الأولى من الحضانة أو الروضة أو المدرسة، فكيف بطفلك الذي انتقل نقلة كبيرة لا يقوى على تحملها، فقدْ فَقَدَ أقرانه وزملاءه الذين كان يعرفهم، ويتكلم معهم، ويتكلمون معه، ويلعب معهم، ويلعبون معه.

ولا شك أنه مع مرور الوقت سيكتسب معارف ويدرك أمورا لم يكن يعرفها من قبل، وسيدرك أنهم ناس مثل الناس الذين كان يعرفهم، ولكن سيظل عائق اللغة لو لم يكن يجيدها هو الهاجس الأكبر، الذي قد يدفعه لهذه الخوف وأنه مفجوع كما تذكرين. وبناء عليه تأكدي من أنه يمكنه التواصل مع زملائه ومعلميه، فإذا كان ذلك صعب عليه فاعملي على تقوية لغة التخاطب لديه بلغة من هو معهم. وسيساعد ذلك في تذويب الجليد ومرارة ما يجد من خرس العلاقة بينه وبينهم.

سيدتي لاحظي أن سنه صغير جدا، وثلاث سنوات عمر قليل لاكتساب الخبرة، ولكنه توقيت مهم لبناء شخصيته، ولا تقلقي عليه من هذا البكاء، فهو تعبير بالرفض، سيكف عنه عندما يجد أنه لا محيص من البقاء، والاستمرار، ولكن احرصي أن تكوني معه فترات طويلة شيئا ما بالمدرسة، وحاولي أيضا دعوة بعض الأطفال الذي يجلس معهم في الفصل إليكم في البيت إن كان هذا متاحا.

أسأل الله أن يهدي قلبه وأن يربط على فؤاده، وأن يوفقك لاستكمال المسيرة، فإن سعادتنا في هذه الدنيا مرتهنة بإسعاد فلذات أكبادنا. والله ولي التوفيق.

وشكرا.

أخوكم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon