فرعون موسى كان مصريا

فرعون موسى كان مصريا

طلب مني أحد الفضلاء أن أكتب له رأيي في كتاب: ((فرعون موسى من قوم موسى)) لمؤلفه المهندس عاطف عزت…

وقد أحضر إليّ نسخة منه بنفسه جزاه الله خيرا… فقرأت الكتاب وكتبت إليه هذا الرد الذي قلت فيه:

بداية أود أن أسجّل لكم شكري وتقديري على ثقتكم في أخيكم، وأحمد الله إليكم أن وفقني لقراءة الكتاب ودراسة الموضوع بعناية وتجرّد…

وبعد…


فهذه الدراسة – دون غيرها في هذا الموضوع الشائك- دراسة متميزة وبها من الجهد العلمي والتتبع وبذل المجهود ما يحترم ويقدر؛ لكنه للأسف طوّع كل ما كتب ليخدم فكرته المسبقة وقراره الذي ينتصر له؛ وهذا الأمر آفة البحوث من هذا النوع؛ أن يُحدد من البداية الرأي الذي قطع به ويدلّل له طوال البحث، وهذا ليس بحثا بلا شك، بل تدليل بالحجج لرأي ما. كان هذا (أولا).

وأما (ثانيا): فالمؤلف ينقل من التوراه وغيرها من الكتب المحرّفة التي ليس فيها من الحق شيئا كمسلّمات ونصوص ثابتة.. وهذا للأسف أمر لا نوافقه عليه فكيف نحتكم معا فيه؟..

وأما (ثالثا): فما فائدة وما ثمرة هذا الرأي الذي يريد أن يثبته المؤلف؟
أرى يقينا أن الثمرة الوحيدة هي السبب الذي جمع ووحد كل من كتبوا في هذا الموضوع، وهم العلمانيون…
إن العلمانيين يريدون تغيير الإسلام ليصير حداثيا كما فعلوا مع المسيحية للأسف، فالقصص عندهم أسطورية، وأنه يجب تطوير الفهم تجاهها وتحديثها علميا كما يقولون، لتناسب العقل الحديث ونتخلص من الانغلاق العقائدي، وهي موجة موجهة الآن لجعل الحقائق سوسيولوجية!

وأما (رابعا): فمن أسف أن المؤلف قد أخذ كلامه من خليط من كلام فرويد مما وافقه فيه الرأي الذي ينتصر له…

وأما (خامسا): فإن للمؤلف كتاب آخر عن النبي موسى والتوحيد؛ أرجع فيه أمر موسى إلى أنه مصري الجنسية والأصل!!
وفي هذا الموضوع كلام كثير له ولغيره، وللعشماوي على سبيل المثال كلام مشابه؛ قال فيه أن موسى مصري! وجدّه رمسيس الثاني!… وكذلك كلام للسيد القمني عن أن موسى هو اخناتون المصري!!! لكن موسى القرآن ليس له وجود!!!

والخلاصة من وجهة نظري المتواضعة بعد بحث الموضوع بتجرد:
– إن فرعون موسى كان مصرياً ولم يكن من الهكسوس، فلم يتولي أبداً حاكم من بني إسرائيل علي مصر والمشهور فقط ان يوسف الصديق تولي الوزارة إبان حكم الهكسوس.

– إننا لا نعتمد إلا القصص الحق الذى أورده رب العزة فى كتابه العزيز، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن أى قصة ذكرها ربنا سبحانه وتعالى هي حق وصدق وعدل، وانها أقدس مصدر نثق فيه ونعتمد عليه فى استنباط حقائق القصص، وهو التاريخ الحق الذى ليس فيه شطط أو زيغ أو إفراط أو تفريط.

– ليس شرطاً أن يثبت التاريخ صدق ما جاء بالقرآن الكريم فكلام الله هو الحق وهو يعلو ولا يعلى عليه…

– إن القرآن الكريم قد أثبت أن الحياة فى مصر أثناء حكم الرعاة الهكسوس كانت تتسم بحرية التدين بل والكلام فى الدين ولم يكن حاكم البلاد اسمه (الفرعون) ولكن كان اسمه (الملك) وقد ترك هذا الملك لنبي الله يوسف عليه السلام مطلق الحرية فى الدعوة لدينه.
كما أثبت القرآن الكريم الحوار الذي دار بين يوسف عليه السلام وبين الرجلين المسجونين معه، وكيف كان يدعوهما لعبادة الله الواحد بكل حرية، ولم يعاقبه أحد على ذلك، بل استدعاه الملك وعينه وزيرأ رغم علمه أنه نبي وصاحب دين غير دينه، ولكن ولأن هذا الملك لم يكن مصريا ولم يكن يهتم بالدين ولا يمثل له الدين أى شىء فقد اختار النبي يوسف عليه السلام ليعمل عزيزا للبلاد غير عابىء بدعوته ودينه.

– يقول الله تعالى: (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) ولا يوجد أى دليل فى القرآن يقول أن قارون قريب هامان أو فرعون أو أنهم من قبيلة واحدة… فإن يلزم من ذلك أن يكون هامان وفرعون هما أيضا قريبان لموسى فهذا أمر بعيد وليس عليه دليل أو برهان…
بل لقد أكد القرآن أن قارون طغى على قومه المقهورين فضاعف عذابهم الذي يلاقونه ليل نهار على أيدى المجرمين من أتباع فرعون وهامان وجنودهما.

– بالكتاب الذي اطلعت عليه افتراضات وتخمينات لا ترقى لأن تكون أدلة علمية تليق بالحديث عن شخصيتين محوريتين فى التاريخ الإنساني والقرأني؛ هما موسى عليه السلام وفرعون الذي طغى.

– وأخيرا… فإن من يتابع فعاليات وندوات العديد من جمعيات ما يسمى بالمجتمع المدنى؛ يلمس بوضوح أن هذا الموضوع يتكرر كثيرا بين العلمانيين ومنكري السنة والملحدين وغيرهم، ولكنه يثار بطريقة أخرى وبشكل آخر… والهدف للأسف من ذلك هو محاولة تكذيب ما ورد فى القرآن عن قصة موسى عليه السلام وفرعون وغرقه وموته وغير ذلك.

لذا لزم التنويه والله الهادي
محبكم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon