فضيلة القارئ الشيخ أحمد محمد عامر في ذمة الله
……. آخر جيل القراء العمالقة ……..

بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

تفتحت عيناي في طفولتي القروية على صوت القراء الخمسة العمالقة الكبار؛ المشايخ: الحصري، والمنشاوي، ومصطفى إسماعيل، وعبد الباسط، والبنا… رحمهم الله جميعا… في إذاعة القرآن الكريم المصرية… وكان ذلك في عقد السبعينيات… وقد كتبت عن هؤلاء العمالقة الخمسة قبل ذلك عدة مرات…
وفي أواخر الثمانينيات إنضاف لصوت هؤلاء العمالقة الخمسة صوت جديد؛ كان هذا الصوت هو صوت الشيخ الوقور ذي السمت الهادئ والأدب الرفيع والحياء الفطري؛ فضيلة الشيخ أحمد محمد عامر رحمه الله ورضي عنه.


وجدت في طريقة قراءته جديدا لم أجده آنذاك في صوت الخمسة رحمهم الله، كان هذا الجديد بالنسبة لي – وهو شيء يحس ولا يوصف – هو الأسلوب السلفي في القراءة… والوقار الجم مع القرآن.
ولعل السبب في ذلك الشعور الخاص أني بعد انتقالي من القرية إلى الاسكندرية في منتصف الثمانينيات وسماعي من مشايخ وأئمة وقراء من الجماعات الإسلامية المختلفة، فوجدت فيهم اختلافا عن الخمسة أصحاب الترتيل الكريم بإذاعة القرآن الكريم.
كان صوت شيخنا فيه هذا النبض السلفي… ومن يسمعه مرتلا بعد منتصف الليل بإذاعة القرآن الكريم المصرية يلمس ذلك بنفسه…
ثم انضاف لصوت الستة ثلاثة أصوات أخرى بترتيل القرآن كاملا؛ صوت المشايخ الشحات أنور وحجاج السويسي ونعينع… ولأسباب غير معروفة لي تم الإبقاء على الخمسة القدامى فقط والاكتفاء بعرض فقرة ليلية لهؤلاء الأربعة.
انتقلت إلى القاهرة في عام 1998 وفي مدينة نصر سمعت الشيخ أحمد محمد عامر رحمه الله مباشرة وليس من إذاعة القرآن الكريم… واستمتعت ليلتها بقراءته رحمه الله في عزاء… وكان ذلك في نفس العام الذي انتقلت فيه إلى القاهرة.
وقد رأيته رحمه الله في عزاء منذ عام تقريبا… دخل القاعة وعليه وقار العلم… وهيبة الإقراء… وتاج الكرامة… وهو طاعن في السن يوشك على التسعين… فشيخنا من مواليد عام 1927 محافظة الشرقية.
وقد رأيت حفاوة الجميع به وكل القراء الحاضرين وقفوا احتراما له وحبا فيه وهيبة من تواضعه رحمه الله…
أصر معظم الحاضرين من كبار القراء أن يقرأ الشيخ… فقلت في نفسي هو عاجز عن المشي ويتهادى في خطواته… فكيف سيقرأ؟!…
بيد انه- والله- ما إن استلم ملتقط الصوت حتى قرأ بنفس القوة التي تعودناها منه وانشرح الجميع بقراءته رحمه الله.
وللشيخ طريقة وأسلوب عندما يقرأ؛ حيث يغمض عينيه ويضع يديه على أذنيه (كما في الصورة)…
والشيخ متمكن من الحفظ ولا يترك حكما مهما دق لغنة أو نغمة… وكان رحمه الله يواجه من يخطئ من القراء مهما علت شهرته بأدب … ولذلك كان الكل يهابه ويوقره رحمه الله.
كما رأيت بعيني توقير الشيخ أحمد المعصراوي له وتواضعه بين يديه…
رحم الله شيخنا ورفع درجته…
هذا… ولا يفوتني أن أذكر عملاقا آخر فقدناه من أيام، وهو فضيلة الشيخ راغب مصطفى غلوش، الذي توفي وأنا طريح الفراش؛ فلم أتمكن من أكتب عنه شيئا…
ولعل الله جل وعلا يوفق للكتابة عنه في ظرف آخر إن شاء الله…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon