مقدمة الكتاب:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ﴾

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ﴿70﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾

أما بعد:

فإن بعض شباب الصحوة الإسلامية المباركة حتى اليوم لا يملك تصورا شرعيا سليما حول جماعة المسلمين، ذلك الحلم الغائب، وهذا الأمل المنشود، رغم كثرة من كتب في هذا الموضوع من العلماء المعاصرين والدعاة إلى الله تعالى.

وهذه التذكرة المختصرة وضعت خصيصا لشباب الصحوة المباركة، كي يستفيدوا منها -إن شاء الله- ويحددوا هدفهم، ويدركوا الطريق الصحيح، ولا يتعجلوا النصر قبل تحصيل أسبابه ومقدماته وشروطه، وحتى يعلموا أن هذه الجماعة الموجودة في ساحة الواقع اليوم، إنما هي مرحلة مؤقتة في الطريق لقيام جماعة المسلمين، التي لها إمام، ولها شروط وأحكام، ويعلموا أن تلك الجماعات الموجودة سواء التي على الحق منها أو على بعضه ليست هي التي نص عليها شرعنا الحكيم، أو أرشد بلزومها نبينا الكريم ، خاصة وأن بعض من قصر به فهمه للأسف يعادي ويوالي على تلك الجماعات، ثم إني أعترف ولا فائدة من الإنكار أن هناك جماعات في واقع المسلمين اليوم ليست على شيء من الصواب إلا النزر القليل، وأنهم يضرون أكثر ما ينفعلون، ويسيئون أكثر مما يحسنون، ويخطئون أكثر مما يصيبون، وأن هناك بعض تلك الجماعات مع بعض الحق، وأن بعضهم أقرب للحق من غيرها، ولكل هؤلاء أن يتحروا الحق ويبحثوا عنه، فإذا أدركوه فلا يتعجلوا الخطى ولا يطول عليهم الأمد، فتقسوا قلوبهم أو يدب إليهم اليأس، فيسقط بعضهم وهو في منتصف الطريق، أو قبل ذلك بكثير، فإن للنصر شروطا ومقدمات إذا تحققت تنزل نصر الله تعالى، وحاشاه أن يتنزل على قوم ليسوا له أهلا.

ثم ليدرك هؤلاء جميعا هذا الهدف العظيم والغاية السامية وليعلموا أن الخطر محدق بهم من كل ناحية، وأن الكل الآن يبغض الإسلام ويكره شرع الله تعالى، إلا من رحم الله وقليل ما هم، فيتنبهوا بعض غفلتهم، ويعلموا أن العد لهم بالمرصاد، وأن أعداء الله تعالى لهم هدف من تعدد الصفوف وكثرتها، ومن تقسيم الشباب إلى فرق ونحل شتى، فلا يتحد لهم هدف ولا تقوى لهم شوكة، ولا يجمع لهم شمل.

وليعلموا أن الطريق طويل شاق، وأننا ما زلنا في أول الطريق، وأن الوصول إلى الهدف يحتاج إلى جهد متواصل، وعمل دائب مستمر، وسير بالليل والنهار، وأن لا يستعجلوا النصر والتمكين.

فاللهم مجري السحاب وهازم الأحزاب، يا ودود يا رحمن، خذ بنواصينا جميعا، وأرشدنا إلى الصواب، ودلنا على الحق والرشاد، وأهدنا إليه، وثبتنا عليه، ووحد صفنا، واجمع كلمتنا، وحقق غايتنا، ويا حي يا قيوم، آمين.
الإسكندرية في: 6/3/1414هـ.
كتبه:
ربيع عبد الرءوف عبد السلام صالح الزواوي

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon