من عجائب القرآن الكريم في سورة القمر
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

لفت نظري في سورة (القمر) قول الحق تبارك وتعالى بعد قصة قوم لوط عليه السلام (فذوقوا عذابي) بينما جاءت بعد قصص (قوم نوح) و (عاد) و (ثمود) بعد كل قصة منها: (فكيف كان عذابي)…

استعمال القرآن الكريم (فذوقوا عذابي) مع قوم لوط، و(فكيف كان عذابي) مع قوم نوح وعاد وثمود أكيد أنه لعلة وليس مصادفة أو بغير سبب…

الكل نزل بهم العذاب الأليم المستحق بعد أن كفروا وعاندوا ورفضوا الحق من أنبيائهم…

فقوم نوح أغرقهم الله وعمهم بالطوفان وطهر الأرض منهم وقطع دابرهم بعد أن استحقوا ذلك…


وعاد قوم هود عليه السلام أرسل الله عليهم الريح الصرصر العاتية تقطع رقابهم؛ إذ كانت الريح ترفع أحدهم حتى يغيب عن الأبصار، ثم تنكسه على أم رأسه فيسقط على الأرض، فتقطع رأسه فيبقى جثة بلا رأس…

وثمود قوم صالح عليه السلام أرسل الله عليهم الصيحة فبادوا عن آخرهم ولم تبق لهم باقية، وخمدوا وهمدوا جميعا كهشيم الزرع اليابس تسفيه الرياح…

وقوم لوط عليه السلام أتوا مع الكفر والتكذيب بفاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين… فاستحقوا هلاكا من الله لم يهلكه أمة من الأمم؛ إذا أمر الله جبريل عليه السلام فرفع مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء، ثم قلبها عليهم، ثم تبع ذلك صب الحجارة من السماء عليهم…

وكان الله قد طمس أعين جماعة منهم ليلة جاءوا يراودون ضيوف لوط عليه السلام من الملائكة عليهم السلام…

وفي سورة القمر ذكر الله تعالى قصص هؤلاء الأقوام الأربعة… وذكر تعالى بعد كل قصة من قصص الأقوام الثلاثة الأول (فكيف كان عذابي) وبعد قصة قوم لوط (فذوقوا عذابي)…

يبدو لي والله أعلم أن استعمال اللفظ القرآني الكريم (فذوقوا) مع قوم لوط عليه السلام في غاية الدقة والإحكام… فكما كانت شهوتهم وإتيانهم فاحشة لم يسبقهم بها من أحد من العالمين، كان لفظ (فذوقوا) أنسب معهم لكونهم أهل مذاق وشهوة ولذة ونزق…

واستعمل معهم اللفظ (فذوقوا) الذي لم يستعمل مع قوم سبقوهم… كما كان عذابهم أيضا لم يسبقهم به أحد من العالمين…

كما إن اللفظ (فذوقوا) بهذه الصياغة يفيد الاستمرارية؛ فعذابهم دائم ومستمر ومستقر، وهو ما أكدته الآية 38 من السورة الكريمة (ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر).

والعجيب أن يتكرر اللفظ (فذوقوا) مرتين بعد قصتهم؛ وذلك للتبكيت والتأكيد والتنبيه والزجر والاستمرار… تبكتهم على فعلتهم وشنعتهم، وتؤكد وقوع العذاب بهم بتكرار اللفظ، وتنبه الغافل الذي يتلو الآيات أو يسمعها، وتزجر من تسول له نفسه أن يرتكب تلك الفاحشة من هذه الأمة.

فسبحان من هذا كلامه… والحمد لله على فضله وإنعامه… ونسأله تعالى أن يرزقنا التدبر والتفكر والفهم…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon