من يقولون ومن يعلمون

استوقفني لفظان في الآية الكريمة رقم 26 من سورة البقرة…
اللفظان هما (يعلمون) و (يقولون)…

فتأمل معي الآية الكريمة…
وهي آية نقرأها جميعا…
بل ربما نحفظها جميعا…

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا (فَيَعْلَمُونَ) أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا (فَيَقُولُونَ) مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ

تجد أن لفظ (فيعلمون) جاء مع الذين آمنوا
وتجد أن لفظ (فيقولون) جاء مع الذين كفروا

المؤمنون أهل علم ومعرفة وإذعان…
والكافرون أهل كلام وقول وجدال…

قارن بين اللفظين (يعلمون) و (يقولون) يظهر لك الفرق بين من (يعلم) ومن (يقول)…

قارن بين اللفظين (يعلمون) و (يقولون) يظهر لك الفرق بين من بضاعته (العلم) ومن بضاعة مجرد (القول)…

قارن بين اللفظين (يعلمون) و (يقولون) يظهر لك قيمة من بضاعتهم العلم والمعرفة والتسليم، وبشاعة من بضاعتهم الجدال وكثرة الاستفسارات بهدف إشاعة الشبهات، والكلام فحسب…

أعد الآن قراءة الآية الكريمة كاملة:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا (فَيَعْلَمُونَ) أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا (فَيَقُولُونَ) مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ

الأمثال التي يضربها الله سبحانه وتعالى لا ينتفع بها إلا المؤمنون؛ لأنهم هم الذين يريدون الهداية بصدق ويطلبونها بحق…

المؤمن إذا جاءه أمر عن الله قابله بالتسليم والامتثال… وأما المنافق فيكثر الجدال بقصد إبطاله…

الإيمان يكسب صاحبه فراسة يعرف بها الحق من الباطل…

والآية الكريمة:
تقرر أن الله جل وعلا لا يمنعه الحياء من ضرب الأمثال بما يشاء؛ فيضرب سبحانه وتعالى المثل بالبعوضة فما فوقها في الكبر أو الصغر…

والناس أمام هذه الأمثال نوعان: مؤمنون وكافرون…

فأما المؤمنون (فيعلمون) أن من وراء ضرب المثل بها حكمة وأنها حق وإن خفيت عليهم…

وأما الكافرون (فيقولون) متسائلين على سبيل الاستهزاء عن سبب ضرب الأمثال بهذه المخلوقات الحقيرة؛ كالبعوض والذباب والعنكبوت وغيرها…

فيجيبهم الله جل وعلا بأن في هذه الأمثال هدايات وتوجيهات واختبارا للناس؛ فمنهم من يضلهم الله بهذه الأمثال بسبب إعراضهم عن تدبرها وقبولها وهم خلق كثير…

ومنهم من يهديهم بسبب اتعاظهم بها وهم أيضا خلق كثير…

والله بحكمته وعدله لا يضل إلا من كان مستحقا للضلال وهم الفاسفون؛ الخارجون عن طاعة الله وأوامره ونواهيه…

هل أدركت الآن الفرق بين (فيعلمون) و (فيقولون)؟

فاللهم اجعلنا من أهل (فيعلمون) ونعوذ بك أن نكون من أهل (فيقولون)…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon