يا لجلال المشهد! ويا لروعة الموقف!
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

سبحان الله…
أي روعة هذه؟!…
أي جلال هذا؟!…
نبي يقرأ كتاب ربه… ريثما يستريح جسده الشريف هنيهة من رحلته… ويهدأ قلبه الملتاع برهة من زحمة الأحداث وتكذيب أمة الإنس له… فتجتمع عليه أمة الجن لتستمع حلو منطقه وجمال تلاوته بكلام ربه جل وعلا…
نبي يصلي بجماعة من أصحابه صلاة الفجر… فتجتمع الجن ليسمعوا قراءته…
فيا لجلال المشهد!…
ويا لروعة الموقف!…
إن الجن باتوا ليلتهم تلك يجوبون أطراف الأرض باحثين عن هذا الذي كان سببا في الحيلولة بينهم وبين وخبر السماء والتجسس على الملكوت… وفق ما أعطاهم الله من قدرات جبارة… يتجاوزون بها أحيانا حدود الله لهم…


فيعثرون على النبي واقفا يصلي صلاة الصبح بأصحابه يقرأ ما شاء الله له من كتاب ربه جل وعلا…
هنا أدركت الجن الحقيقة وعرفت السبب… لماذا حيل بينهم وبين خبر السماء واستراق السمع والتطاول نحو الممنوع…
عرفوا قدر المقروء… ومكانة القارئ… وحجم قدرتهم…. فعادوا إلى أنفسهم متحدثين بما أدركوه وعظمة ما سمعوه…
أدركوا أن السماء ملئت بالشهب الصاعقة… وأن من حاول منهم استراق السمع نحو السماء؛ سترجمه هذا الشهب…
إنه اتصال الأرض بالسماء… وتفاعلهما وتجاوبهما لدعم هذا الصدوق المكذب من غالب الإنس… وكشف صفحة من صفحات الغيب المخبوء لنا…
فينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الجن… والتي لها قصة في نزولها لخصها لنا ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:

(انطلق النبي في طائفة من أصحابه إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأُرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا : مالكم ؟
فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء وأُرسلت علينا الشهب.
قالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شئ حدث فاضربوا مشارق الارض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء.
فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر.
فلما سمعوا القرآن استمعوا له قالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء.
فهنالك حين رجعوا إلى قومهم وقالوا :” يا قومنا إنا سمعنا قرأنا عجبا يهدي إلى الرشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ”
فأنزل الله على نبيه: “قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن”
(رواه البخاري).

انظر أيها الحبيب إلى الآيات أدناه، أو في مصحفك، وحرك بها لسانك، وأمرها على قلبك، وجل فيها بفكرك… تدرك عظمة ربك وعظمة خلقه وعظمة ملكوته وجلال كلامه…
مؤمنو الجن يتعجبون من حلاوة وأسلوب وعظمة القرآن: (… إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به…)…
مؤمنو الجن يعلنونها ويعاهدون الله بها: (… ولن نشرك بربنا أحدا)…
مؤمنو الجن يعظمون الله وينزهونه عن الصاحبة والولد: (… تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا)…
مؤمنو الجن يتبرأون من أعمال سفهاء الجن والإنس وأفعالهم في أربع آيات؛ من الآية الرابعة إلى الآية السابعة….
مؤمنو الجن يقرون بحفظ السماء بالشهب ضد المتمردين منهم…
مؤمنو الجن يعرفون درجاتهم وطوائفهم وأنواعهم…. ويعرفون كذلك ما أعده الله للصالحين المستقيمين في الدنيا والآخرة…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon