مكتبة الإسكندرية القديمة هل أحرقها عمرو بن العاص؟

مقدمة الكتاب:
الحمد لله ربّ العالمين؛ سُبحانه إله الأوّلين والآخرين، والصّلاة والسّلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ عربهم وعجمهم، إنسهم وجنّهم، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
وبعد …

فهذا كتابٌ صغيرٌ حجمُهُ، كبيرٌ موضوعُهُ، نبيلٌ هدفهُ، عظيمةٌ غايتُهُ، نُفَنِّد فيه هذا الافتراء الذي يتردد بين الحين والحين، فتتلعثم عنده الأَلسنة، وتختلط فيه الأوراق، وتخجل معه نفوس من لا يعّرفون حقيقة هذا الافتراء ووزنه العلمي، وثبوته التّاريخي من عدمِه.


فمن المؤسف أن يطلق مؤرِّخون مغمورون روايات هدّامه تعلّق بها البعض لحجب الشمس بغربال كذوب، ومن نكبة أهل الحقائق أن تنزلق فئة من المؤرِّخين الموتورين؛ فتعلن عداءها للعرب، وتسوِّغ لنفوسها المريضة ركوب موجة العداوة؛ لتشوِّه وجه تاريخهم المشرق بدسائس ملفّقة، وحوادث مزوَّرة، ووقائع مختلقة، مغموسة بركاكة التفسير، ومدانَة بعمائم التأويل، حتى نفثت فيه من سمومها كل ما ينتقص جليل قدرهم ويلوك جميل سُمعتهم بقوارص الأقاويل، لتحوز شفاءً لغلِّ قلوبها، وتنال غيظ نفوسها، وتتوهّم إطفاء حزازات صدورها، متناسية أن الأرواح إذا اتَصلت بطلت الأشباح.

ولن اتعجِّل فأسبق القارئ الكريم فأسجِّل هنا حُكماً، أو أثبت نتيجة، لأني أحِبُّ له أن يصل للحقيقة بنفسه، ويحكم في القضية بفهمه، من خلال أدلة واضحة لا تحتاج– بحق- إلى بيان؛ فإن العقول المستنيرة تتوافق دائماً مع الفطرة السَّليمة (فطرة الله التي فطر الناس عليها)، فإن الإسلام والمسلمين لا يمكن أن يصدر عنهم مثل هذا الفعل.

وقد قسَّمت الكتاب إلى ستة فصول:
الفصل الأول: جعلته عن الافتراء والقائلين به، ومتى قيل؟.

الفصل الثاني: وهو أهم فصول الكتاب، ناقشت فيه بهدوء وبأسلوب علمي هذا الافتراء في ميزان التاريخ والمؤرّخين، مستبعداً العواطف والانتماء، وجعلته محاكمة لهذا الافتراء مدعومة بأقوال المنصفين من المستشرقين مثل: كازنوفا، وجيبون، وبطلر، وارنست رنان، وآلبرسيم، ونايدو، وفولاني، وجوستاف، وسيديو، ولولكيد، وفورتر، وفيكتور شوفين، وأجنينو، وفوت، واهلويلر، ولالان، وغيرهم، وقد وافت هذه المحاكمات العشرين محاكمة.

الفصل الثالث: جعلته في قصّة الفتح الإسلامي لمصر، وما كان في هذا الفتح من أحداث ودلالات، ووصفت حال مصر والمصريين قُبيل الفتح، وما كانوا عليه في ظل حكم الرومان الوثني.

الفصل الرابع: جعلته عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ هو المتهم في هذا الافتراء بأنه من أمر قائده عمرو بن العاص بحرق المكتبة!.

الفصل الخامس: جعلته عن عمرو بن العاص رضي الله عنه وحُبّ المصريين له، وحبّه لهم وحسن سيرته فيهم.

الفصل السادس: وهو الفصل الأخير، جعلته عن الحضارة الإسلامية، وذكرت فيه طرفاً من مفاخر علماء الإسلام الموسوعيين والتطبيقيين، وما اكتشفوا من علوم، وما اخترعوا من فنون، ودلّلت فيه أن الإسلام يدعو للعلم ويرفع من شأن العلماء، وأن روحه تتنافى تماماً مع حرق الكُتب والمكتبات.

والله وحده المسئول أن ينفع به، ويهدي به الضال، وينير به عقول الجاهلين الحاقدين، فيكون لهم فيه كفاية وزاجراً عن الخوص فيما لا يعرفون، فينقدح الحق في قلوبهم، فإن الحق أبلج، والباطل لَجْلَج.
وآخر دعوانا أن (الحمد لله رب العالمين).

ربيع عبد الرءوف الزواوي
القاهرة حرسها الله
1428 – 2007

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon