قصتي مع تفسير ابن كثير رحمه الله
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي

لا أعرف كتابا ﻻقى قبوﻻ عند طلبة العلم والعامة والصغار والكبار في تفسير القرآن الكريم مثل تفسير ابن كثير رحمه الله…

فقد أطبقت شهرته وانتشاره وقبوله وتداوله واقتناؤه اﻷرض… ورغم كون الكتاب اسمه تفسير القرآن العظيم لكنه اشتهر باسمه رحمه الله لما وضع الله لاسمه القبول عند الناس، وهو الشيء نفسه للإمام البخاري رحمه الله؛ الذي اشتهر كتابه الجامع باسمه رحمه الله.
كان اﻹمام الجليل عماد الدين أبو الفداء إسماعيل ابن كثير رحمه الله متضلعا بعلوم الكتاب والسنة وتاريخ السابقين واللاحقين، ولديه نظر ثاقب في سنن الله التي تجري في صلاح اﻷمم وفسادها…
وقد اختار منهج التفسير بالمأثور من اﻷحاديث المرفوعة وأقوال السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم…

كما جاء تفسيره جامعا بين فني الرواية والدراية والمنقول والمعقول…

وقد سمعت عن (تفسير ابن كثير) في مرحلة متقدمة من عمري… وانا ابن ريف وابن قرية ليس بها آنذاك متعلمون وﻻ شيوخ… وليس في بيت أبي رحمه الله مكتبة وﻻ كتب، سوى نسختين متهالكتين قديمتين من القرآن الكريم؛ إحداهما القرآن كاملا، واﻷخرى نصف القرآن…

كان أول كتاب – غير كتب المدرسة – وقع في يدي هي مجموعة من الكتب أرسلتها إلي الجامعة اﻹسلامية في المدينة المنورة…

فقد وقع في يدي كتاب عليه عنوان الجامعة؛ فكتبت إليهم… فجاءني الرد بطرد من الكتب؛ سلمه رجل البريد للبقال الذي يأخذ والدي التموين من عنده، لقربه من مكتب البريد… وبعد قريتي عنه…

كنت وقتها في الصف الثاني من المرحلة اﻹعدادية… وكان فرحي بهذه الكتب شديدا… وأقبلت عليها التهمها ولم امهلها حتى أتيت عليها كلها… أتذكر منها كتاب من كنوز السنة للصابوني. وكتاب حجة النبي لمؤلف لا أذكر اسمه وهو أكبرها حجما. وﻻ أتذكر باقيها…

ثم وقع في يدي كتاب رياض الصالحين للنووي رحمه الله. وﻻ أتذكر كيف حصلت عليه… ثم كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق رحمه الله. وكان ذلك في المرحلة الثانوية… ثم كتب اﻹمام الغزالي كلها تقريبا عدى اﻹحياء والمستصفى…

ظل اسم كتاب (تفسير ابن كثير) يرن في أذني حتى التحقت بكلية الهندسة جامعة اﻹسكندرية… فسارعت إلى مكان به مشروع مكتبة بحي الحضرة باﻹسكندرية على ترعة المحمودية… صارت فيما بعد مكتبة اﻹيمان العامرة لصاحبها اﻷستاذ يسري محمد عبدالله وفقه الله، بحي مصطفى كامل باﻹسكندرية…

نقلت له رغبتي في الحصول على نسخة من تفسير ابن كثير وصحيح البخاري… وكان هذا كل منايا هذا العام…

لم أصدق نفسي وأنا راجع يومها إلى حيث أسكن في المدينة الجامعية حاملا الكتابين معي… وذلك لضيق ذات اليد… فقد وافق اﻷخ يسري جزاه الله خيرا على تقسيط المبلغ على عدة شهور… مع العلم أن المبلغ كله في حدود العشرة جنيهات…

طبعات متواضعة جدا ولكني كنت أراها آنذاك أفخر ما يكون… حيث كان همي اﻷول أن أغترف مما كتب على الورق وليس لون او نوع الورق.

في العام التالي استعار مني أحد الزملاء جزء من تفسير ابن كثير ولم يعده إلي حتى اﻵن… إي والله العظيم.

ثم من الله على عبده ووسع في رزقه وصار يقتني عدة طبعات لهذين الكتابين على وجه الخصوص… آخرها من تفسير ابن كثير؛ طبعة مؤسسة اﻷميرة العنود الخيرية بالرياض… إعداد مجموعة من العلماء وبإشراف الشيخ صفي الرحمن المباركفوري…

جاء به إلي ضمن (مجموعة اﻷميرة العنود) مشكورا سعادة الدكتور أحمد الغزي اﻷستاذ بالمعهد العالي للقضاء بالرياض… جزاه الله خيرا… واسم الكتاب (المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير)…

وهي طبعة مختصرة ومحققه ومخرجة تخريجا رائعا… وورقها فاخر… ومطبوعة في لونين… في مجلد ضخم؛ عدد صفحاته 1600 صفحة.

رحم الله الإمام الحافظ ابن كثير… وجزاه عنا خيرا.

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon