وصلتني وأنا بالرياض دعوة كريمة من مركز الأسرة للاستشارات لزيارة الكويت لأول مرة، فطرت في اليوم التالي على متن طائرة الخطوط الكويتية من مطار الملك خالد إلى مطار الكويت الدولي، وكان في استقبالي بالمطار الشيخ الفاضل عارف العريفان الذي أكرمني وأنزلني في خير مقام، واحتفى بأخيه الضعيف حفاوة جعلت الأيام تمر عليه كأنها دقائق…
وبعد وضع الحقائب وتغيير الملابس كان الشيخ عارف قد رتب لنا رحلة مسائية في منطقة على ساحل البحر باتجاه العراق تبعد حوالي مائة كيلومن مدينة الكويت العاصمة؛ تسمى الصبّية، وهناك كان في استقبالنا مجموعة من خيرة الرجال، أذكر منهم المستشار أبو عمر، وأبو عبد الله صاحب المكان، وأبو فلاح، وأبو مالك…
قضينا ليلتها ساعات من أصفى ساعات العمر، وسمعت ليلتها طُرف جميلة لأول مرة أسمعها، تجمع بين ثقافات مختلفة، ومشارب متفاوتة، وتكشف عن عمق تاريخي وحضاري بين الشقيقتين؛ العراق والكويت.
ولا أنسى طعام العشاء ليلتها!… السمك الطازج من البحر مباشرة، والأرز الذي آكله بهذه الطريقة لأول مرة، وحساء السمك الذي لم أره من قبل في حياتي؛ لونا وطعما ورائحة، وقل في المخلل مثل ذلك أو أكثر!… يبدو أن لطعام أهل الكويت طعم خاص وأسلوب خاص!
وفي الصباح كان اللقاء بالدكتور شهاب العثمان مدير معهد الإنجاز المتفوق للتدريب الأهلي لترتيب بعض الأمور إلى صلاة الظهر، وبعدها جمعنا الغداء به أيضا بمنزل الشيخ عارف العريفان، في جو تملؤه المحبة والأخوة.
وبعد صلاة العصر توجه بنا الشيخ عارف في رحلة سياحية ماتعة للتعرف على معالم الكويت العاصمة، مساجدها، أبراجها، قصور الحكم، أسواقها، شواطئها الهادئة… إلى قرب صلاة العشاء… فجزاه الله خيرا.
ثم انطلق بنا الشيخ عارف لصلاة العشاء بمسجد فضيلة الشيخ المربي الفاضل إبراهيم الأنصاري حفظه الله ونفع به، سلمنا وتبادلنا الحديث سريعا وذلك لظروف طرأت على الشيخ… عدنا أدراجنا لتناول طعام العشاء بمنزل الشيخ عارف جزاه الله خيرا.
وفي اليوم التالي.. كانت رحلة العودة إلى القاهرة، وكما فعل الشيخ عارف في اللقاء فعل في الوداع، وكما فعل في الذهاب فعل في العودة، أسأل الله أن يثيبه ويجزل له العطاء لقاء ما طوّق عنق أخيه بجميل لا ينسى، ولقاء ما أتحف أخاه من تحف وهدايا يعجز عن مكافأته.
مضت الأيام الثلاثة كأنها لحظات!.. تذكرت الشاعر الذي صوّر مضي السنين مع الوصال والهناء كأنها أيام فقال:
مرت سنين بالوصال وبالهنا *** فكأنها من قصرها أيام