مسئولية كبيرة وتبعة ضخمة!
بقلم: ربيع عبد الرؤوف الزواوي
صافحني أحد الأصدقاء – وهو رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المعروفة وله وجاهة بين الناس وهو محبوب ومتدين إلى حد كبير، ويحب الخير ومساعدة الفقراء- قائلا: أنا الحمد لله يعني كل ليلة أقرأ سورة الدخّان (كذا بتشديد الخاء) هو فيه أيه عمل صالح أقدر أعمله تاني؟!. استغربت سؤاله، ثم طفقت أعدد له وجوها من أعمال البر والخير مما فتح الله به ليلتها.
وحتي لا ينسى؛أخرج- كعادته- ورقة يكتب فيها هذه الأعمال الصالحة، فهو لا يحفظ شيئا لكثرة “المواعيد” وكتب بعض ما سمع.
أرهبني الموقف واستشعرت عظم التبعة على أهل العلم المنزوين بعيدا عن مثل هذا، وما أكثرهم.
وامرأة تعمل بإحدى الشركات دخلت مكتبي وعليها علامات الأسى، تشكو كثرة المشاكل في المنزل وأنها فكرت مرات للخروج من البيت لكثرة المشاكل بين أبيها وأمها… تسأل يا ترى ما أسباب هذه المشاكل .. لعله الحسد وأعين الجيران… وقبل أن أتكلم قالت: الحمد لله أنا لم أقصر؛ فأنا أقوم بتبخير البيت كل يوم جمعة ومع ذلك تحدث هذه المشاكل…!!!
فالأول رجل لا يعلم عن زاده الذي ينبغي أن يتزود به للآخرة، التي هي دار القرار- شيئا وكأنه لا يعرف أن الأعمال الصالحة برهان الإيمان الذي يدعيه اليوم الكثيرون…
والأخرى أمرأة تحسب أن البخور يدفع عنها وعن أهل البيت هذه المشاكل، فالأول مصيبته في العمل الصالح، هذا إن صح له إيمانه، والثانية مصيبتها في إيمانها الذي فيه خلل في المعتقد.
والمجتمع مشحون بهذا وتلك.
وقد ترى بعيني رأسك أولئك الذين يتركون المذياع لدقائق معدودة في أول النهار ينطلق منه الصوت يتلو آيات القرآن الكريم، وهذا هو صلتهم بالدين وآخر تدينه يظهر في تقبيله أول ما يقع في يده من النقود داعيا الله أن يجعله يوما كثير الفلوس….
وآخر يحسن الكلام بشواهد القرآن والحديث، ثم ها هو خالي الوفاض من العمل، فسلوكه بعيد مبتوت عن قوله.
وآخر وآخر…
جعلني ذلك أستشعر التبعة وضخم المسئولية!… فيا علماء المسلمين: اتقوا الله، وانخرطوا في طبقات المجتمع الذي سنسأل عنه أمام الله يوم القيامة، علموه وثقفوه واملأوا وقت فراغه.
أستشعروا عظم المسئولية وضخم التبعة، وتواضعوا للناس وابذلوا لهم الحلم وحسن الأخلاق وكونوا من الموطئين أكنافا، الذين يألفون ويألفون.. كفانا ترفعا وتعاليا ورسولنا صلى الله عليه وسلم كانت تنطلق به العجوز إلى حاجتها كيف شاءت، وعيسى عليه السلام من قبله يذهب إلى جماعة من الصيادين في بحيرة طبرية يحادثهم،فلا يتركهم حتى انطلقوا معه فكان منهم جماعة من الحواريين رضي الله عنهم.
وموسى من قبله والخضر يبنيان بناء تهدم في قرية منعهما أهلها من طعام يسدون به جوعهما. تواضعا لله تعالى وتنفيذا لحكمته. وعمر الفاروق أمير العرب والعجم في زمانه يقم دار عجوز عمياء مقعدة أخبرت بذلك بعض من سألوها عن أمره لما رأوه يكثر يدخل دارها!. وقبله الصديق لم يقطع عادة حلب الشياة لعجائز بالمدينة تخوفا من قطع تلك العادة بعد تولي الخلافة وتحمله المسئولية رضي الله عنه.
كفى بعدا عن الناس وانعزالا عنهم، وترفعا عليهم!…
لله الأمر من قبل ومن بعد…