مع من نكون؟ وممن نفرّ ونهرب؟
من الآيات التي تتوقف عندها نفسي، ويركن إليها جناني، وينشرح لها صدري، ويطمئن لها قلبي، وتفرح بها جوارحي؛ الآية 28 من سورة الكهف…
((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا))
ترسم الآية الكريمة للمسلم في هذه الدنيا خريطة طريق؛ مع من يكون؟ وممن يقترب؟ وممن يفر ويهرب؟
وتوضح الآية الكريمة حقيقة الأمور وتبرز من خبايا القلوب ومكنون النفوس ما يجعل العاقل يتوقف عندها ويتدبرها ويجعلها محل الاهتمام والتقدير…
تشتمل الآية الكريمة على أمر ونهيين لنبينا صلى الله عليه وسلم ونحن تبع له فيها… وفيها من الفوائد المهمة والتوجيهات الجميلة واللفتات الكريمة الشيء الكثير…
نسأل الله التوفيق لإبراز بعض ما فيها من فوائد وتوجيهات في هذا المقال…
والآية الكريمة باختصار توجه الرسول صلى الله عليه وسلم- وأمته تبع له في ذلك-:
– لازم المؤمنين وقرب الفقراء الذين يدعون ربهم دعاء عبادة، ودعاء مسألة أول النهار وآخره، مخلصين له سبحانه…
– لا تتجاوز عيناك عنهم تريد مجالسة أهل الغنى والشرف…
– لا تطع من صيرنا قلبه غافلا عن ذكرنا بختمنا عليه والعياذ بالله، وقدم اتباع ما تهواه نفسه على طاعة الله، وكانت أعماله وأفعاله سفها وتفريطا والعياذ بالله…
ومن (الفوائد المهمة) في الآية الكريمة:
– فضيلة صحبة الأخيار ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم وإن كانوا فقراء…
– استحباب الذكر والعبادة والدعاء طرفي النهار…
– الله سبحانه وتعالى يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا…
– حب زينة الدنيا ضار قاطع عن المصالح الدينية؛ ذلك لتعلق القلب بالدنيا، فتصير أفكاره وهواجسه حولها… وتزول من القلب الرغبة في الآخرة…
– زينة الدنيا تروق للناظر وتسحر العقل؛ فيغفل القلب عن ذكر الله، فيقبل على اللذات والشهوات، ويضيع عمره ووقته…
– من امتلأ قلبه بمحبة الله وفاض لسانه بذكر ربه واتبع رضوان الله لا هواه… هو الذي ينبغي أن يطاع وأن يتبع ويقتدى به…
– من صلحت أعماله لله وجرى لسانه بذكره تعالى؛ انصلحت أحواله واستقامت أفعاله…
ومن (التوجيهات العظيمة) في الكريمة:
– أن نجعل لأنفسنا وردا نحرص عليه من الأذكار في الصباح والمساء…
– أن نحرص على صحبة الأخيار والصالحين، ومجاهدة النفس على صحبتهم ومخالطتهم…
– أن نحاول المشاركة في البرامج الدعوية مع مجموعة من الصالحين…
– أن نريد وجه الله بما نقوم به من الصالحات من دعاء وذكر وغيره…
فاللهم وفقنا للانتفاع والعمل بما فيها من الفوائد والتوجيهات…