ممن تتزوج العاقلة؟!
المرأة العاقلة التي تريد أن تتزوج تبحث عن زوج له صفات معينة معروفة لكل ذي عقل، ولا يجهلها إلا المجانين.
أقول ذلك لأن المعايير التي صارت تبحث عنها المرأة الشابة – اليوم – في الرجل الذي ترغب في أن يكون زوجا لها قد تغيرت، فصار العقلاء يضربون كفا بكف، إذ المعايير التي ترغب فيها بنات اليوم في فارس الأحلام قد انقلبت رأسا على عقب!
فالمتمسك بمبادئ المجتمع المحترم لدى الكثيرات من بنات اليوم رجعي متخلف.
والملتزم بدينه المستمسك بعراه منغلق متشدد، والذي يحترم الكبير، ويراعي آداب المجالس، وآداب الدين متكلف يجهل “الإيتيكيت”.
والذي يقاوم صور الفساد المنتشرة، ويقف في وجه المفسدين، إرهابي.
والذي يحافظ على أن يكون مظهره وملبسه متمشيا مع الحشمة والوقار وعادات مجتمعه المحافظ دقة قديمة.
إلى آخر ذلك.
بنت اليوم تريده حالقا شعره على أحدث صيحة مقلدا لفلان من اللاعبين أو المغنين.
تريده لابسا آخر مودات الشباب العالمية.
تريده لا يعرف إلا طعام “التيك أواي” وبنطلون “الجينز”.
تريده لا يعرف بيوت الله، ولا صحبة الصالحين.
تريده منفتحا على كل ما هو وافد على مجتمعنا، ولو كان مدمرا لأخلاقنا.
لقد قلّبت – يا سادة – صفحات الماضي ونظرت كيف كانت المرأة قديما قبل الإسلام تختار زوجها… فوجدت عقلا، وحكمة، وروية…
فقد روت كتب التاريخ أن هند بنت عتبة لما أراد أبوها أن يزوجها قالت له: إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي.
فقال لها: ذلك لك.
ثم قال لها يوما: إنه قد خطبك رجلان من قومك ولست مسميا لك واحدا منهما حتى أصفه لك.
أما الأول: ففي الشرف الصميم والحسب الكريم، تخالين به هوجا من غفلته وذلك إسجاح من شيمته، حسن الصحابة، حسن الإجابة، إن تابعته تابعك، وإن ملت كان معك، تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك في ضعفه.
وأما الآخر: ففي الحسب الحسيب والرأي الأريب، بدر أرومته، وعز عشيرته، يؤدب أهله، ولا يؤدبونه، إن اتبعوه أسهل بهم، وإن جانبوه توعر بهم، شديد الغيرة، سريع الطيرة، شديد حجاب القبة، إن جاع فغير منزور، وإن نوزع فغير مقهور، قد بينت لك حالهما.
فقالت هند: أما الأول: فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها وتضيع تحت جنائها، إن جاءت له بولد أحمقت، وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت، اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي.
وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة، إني لأخلاق هذا لوامقة، وإني له لموافقة، وإني لآخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي وقلة تلفتي، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته، الذائد عن كتيبتها، المحامي عن حقيقتها، الزائن لأرومتها، غير مواكل ولا زميل عند ضعضعة الحوادث، فمن هو؟
قال: ذاك أبوسفيان بن حرب.
قالت: فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس ولا تسمه سوم المواطس الضرس استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.
هذه مجرد عينة واحدةمما تمتلئ به كتب تراثنا… وإلا فالمقام لا يناسبه السرد.
ثم أكرمنا الله بالإسلام، وكان من شريعته أن حدّد الله في كتابه بعض صفات الزوج، وبعض صفات الزوجات، مثل قول الله تعالى: (… أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين) وأنا ألفت نظر حضراتكم إلى غير مسافحين للمعنى اللغوي للسفح وهو المنخفض جنب الجبل الأشم… فاقصدوا العلو ودعوا عنكم السفول والسفح.
وقال: (فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله).
وقال: (ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم).
وقال: (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم).
وقال المعصوم صلى الله عليه وسلم فيما صحّ عنه: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه….).
وقال: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين… )
فهلا أفاق هذا الجيل، وبنات وشباب هذه الأيام!؟…