مَن الإرهابي يا سيدي؟
بقلم ربيع عبد الرؤوف الزواوي
الظروف التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه الشريف العجيب الذي يعد علامة على صدق نبوته وإعجازا في حديثه: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء) كانت ظروفا قاسية على المسلمين الأوائل ولا شك؛ فقد كانوا يقاسون كل صنوف التنكيل ويسامون سوء العذاب.
بدأ غريبا… في زمان يقول فيه كل كبراء القوم وملأهم عن متبعيه أنهم: صابئين… فتية مغرر بهم… اراذلنا… إلخ.
غريبا لا يتبعه – آنذاك – إلا المستعدون لتحمل التبعة والمسئولية والمستعدون لتقديم مهجهم وأرواحهم رخيصة لهذا الدين الغريب…
ولم يكن المسلمون يومها قد ترهلوا… ودخل فيهم من لا يحمل للإسلام هما… ولا من صار لا يعرف عن دينه شيئا… ولا من لا يربطه بدينه إلا خانة الديانة بالهوية…
وأما قوله عليه الصلاة والسلام (… وسيعود غريبا كما بدأ…) فهذا والله ما يحتاج منا إلى تأمل ونظر… فالأمر جد خطير… يعني سيعود المسلمون حالهم كحال أولئك الغرباء الأوائل… ويكون فيه الإسلام ليس مترهلا كما كان يومها…
وهذا يعني أن عملية الفرز مستمرة على مر العصور… وتكون على أشدها في آخر الزمان…
هذه مقدمة تأصيلية لجوابي على سؤال طرحه علي محب قال فيه بالحرف الواحد: شمعنا المسلمين اللي بيعملوا عمليات تفجيرية وإرهاب وفاضحينا في كل مكان…؟
قلت له: الذي تشكو منه رد فعل لا فعل… ونتائج لا مقدمات… وانفجار بعد ضغط وصل لحد غير محتمل…
قال: يعني تقصد أيه؟…
فقلت له: أقصد ما سمعت بالحرف…
انظر إلى غربة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وفكر فيما يقع على المسلمين من تنكيل وتعذيب…
في أوروبا مدعية الحضارة والتقدم
في أمريكا التي تدعي حمل لواء الحرية؛ جوانتانامو
في بورما
في زنجبار
في البوسنة والهرسك
في إفريقيا الوسطى
في العراق
في سوريا
في فلسطين
في…
في بلادك يا سيدي… بلاد الاسلام… مَن اليوم في السجون والمعتقلات؟ ومن أحرار طلقاء رغم انهم حاصرتهم شعوبهم وثارت عليهم… ولا يزالون أحرارا يفسدون في الأرض؟…
فلا تستغرب أن ينبعث قوم (شباب أو تنظيم او جماعة.. سمّهم ما شئت) مدفوعين بقوة الصاروخ ينتقمون غضبة لدينهم وثأرا لإخوانهم… يقتلون ويذبحون ويحرقون… وقد يفعلون أكثر من ذلك!…
تعلمنا في حياتنا العملية أن نعالج السبب لا العرض… ونقدم الإجراءات الوقائية قبل التصحيحية…
ولا تحسبنّي هنا موافقا على خطأ أو مقرا لمنكر… لكن سل نفسك لما يفجرون؟ ولما يفعلون ما يفعلون؟
أما رأيت الفيديو الذي يصور شبابا من إفريقيا الوسطى وهم جلوس ويذبحهم اعداؤهم واحدا واحدا على شفير حفرة كالخراف؟ يتقربون بذبحهم لمن دفع لهم ومولهم ضد هؤلاء المساكين…
أما رأيت ما فعله الصفويون الرافضة في سنة العراق رجالا ونساء بغطاء من أمريكا؟
أما رأيت ما صبوه من حمم ونيران وقنابل فسفورية على الفلوجة وديالي وغيرهما؟
أما رأيت ما تفعله الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن والعراق وأفغانستان!؟…
أما رأيت براميل الموت التي تلقيها طائرات نظام طاغية سوريا الموتور؟
أما رأيت من تم قنصهم هنا وهناك علنا بلا خجل ولا خشية لملاحقة… ومن تم إشعالهم أحياء؟
سيتخلص الاسلام – يا سيدي – من هذا الجسم المترهل… فالمليار ونصف لا يحمل منهم هم الاسلام الا عدة ملايين… وأخشى أن لا يبلغوا مليونا واحدة…
سيتجاوز الحدث – يا سيدي – هذه الجماعات التقليدية المعروفة بمنهجها الدعوي الاصلاحي كالإخوان ومن على دربهم… والمعروفة بمنهجها العلمي كالسلفيين على اختلاف مشاربهم…
سيطوي الحدث كل هذه المدارس… وسيكون منهم – للأسف – من يحاربه ويقف في وجهه ويتحالف مع أعداء الاسلام الحقيقيين ويجد نفسه واقفا في صفهم دون ان ينتبه… ولعل بوادر ذلك وقع بالفعل!…
فلا تقل لي فضحونا بين الامم… ولا صدوا عن دين الله… ولا ضروا الاسلام… فما ضر الاسلام الا جهلنا به وتفريطنا فيه…
ودين الله سيكون بنا أو بغيرنا… ونحن لا نكون – والله – إلا به…
ولن يسكت هذا التفجير وهذا الذي تسميه إرهابا الا ان سكت أعداء الله عن التنكيل بالاسلام والمسلمين… وهذا أظنه… لن يكون…