هؤلاء موجدون بيننا فعلا؟!
بقلم ربيع عبدالرؤوف الزواوي
1- بينما كنا نتحدث في موضوع إصلاح ذات البين ومكانته وأهميته في المجتمع، قال لي محدثي: والله العظيم اليوم في صلاة الفجر سمعت الذي يصلي بجواري يبكي ويقول: يا رب… أولاد أخويا يا رب… أمانة في رقبتي يا رب… أولاد أخويا يا رب… قدرني عليهم يا رب… ويبكي…. يقول محدثي: وظل الرجل في سجوده يكرر ويبكي حتى أبكاني.
قلت: سبحان الله هل لا يزال يوجد مثل هؤلاء في الدنيا؟ فقال محدثي: والله نفس الشيء الذي قلته في نفسي لما سمعته يقول ذلك.
حدثت – أنا بدوري – بعض الناس بهذا الكلام فقالوا نفس الشيء: هل لا يزال هناك هذا النوع من الناس؟
2- الإمام الذي أصلي خلفه صلاة العشاء وما يفتح الله به ويعين من صلاة التراويح، شاب حسن الصوت، جيد الحفظ والتلاوة، يعيش ما يقرأ ويفكر فيه، ويتأثر به وينقطع صوته من شدة البكاء بلا تكلف، فيوهمنا أنه يسعل ليبعد عن نفسه الرياء، فإذا قرأ بعد السعال المصطنع تتأكد أنه يبكي متأثرا! جزاه الله خيرا وزاده من فضله وكرمه.
3- سألت أحد الناس من زملاء الطفولة وهو ضابط شرطة عن أحد معارفنا رحمه الله، فحكى لي أنه مات صائما وهو ساجد في صلاة العصر بالمسجد ، وكان يومها يشرف على عمارة نفس المسجد الذي مات به، حيث تجري به بعض الترميمات، والتجديدات!! ثم قال لي صاحبي: عارف ليه ربنا أكرمه؟ قلت: لما؟ قال: كان متواضعا جدا لدرجة أنه قبل موته بنصف ساعة وفي عز الحر كان يمشي على رجليه حاملا بعض الأدوات التي يحتاج إليها النجارين وغيرهم من عمال الترميمات، ولم يرسل أحدا بسيارة لقضاء هذا الأمر، وكان يحب إصلاح ذات البين؛ لدرجة اليوم الذي مات فيه كان متفقا مع أبنائه بعد صلاة التراويح سيمرون على آل فلان ليصلحوهم على بعض، لأنه سمع أن بينهم مشاكل!
4- قال لي شقيقي وهو طبيب: أيقظتني فجرا إحدى جيراني قائلة: إلحقني يا دكتور! عمك الحاج………… بيموت! قال لها: جاي حالا. وذهب إليه مسرعا… دخل عليه وجده يقول بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. خلاص يا دكتور! ويكرر: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. حتى مات.
5- داعبت أحد الشيبان من كبار السن الذين لا يتركون صلاة الجماعة من أكثر من خمسين عاما وهو يحبني جدا ويثق بي ويسألني في كل صغيرة وكبيرة، قائلا له: يا عم فلان: كل يوم نصلي خمس مرات؟ مفيش راحة خالص؟ قال لي: يعني أيه؟ عايزني أبطل صلا؟! عندك فتوى؟ والله لو جبرائيل عليه السلام بطل صلا ما نبطل الصلا أبدا!.
6- حدثتني عن حال صديقي رحمه الله في صباح اليوم الذي مات فيه قائلة: استيقظ قبل الفجر وقد اشتد به المرض، أصر على النزول لصلاة الفجر بالمسجد، صلى وبعد الصلاة جلس يذكر الله حتى طلوع الشمس، صلى ركعتين، رجع إلى البيت، اشتد به التعب، سقط… مات قبل أن نتمكن من نقله للمستشفى.
7- أعرف رجلا يمر على البيوت بالإسكندرية ويسأل الناس ويتحمل عناء هذا الأمر، ويحمل ما يحصل عليه من الناس للمرضى الفقراء بالمستشفى العام بالإسكندرية، ويسجل طلبات المرضى الفقراء وما يحتاجون إليه في أوراق معه، ثم يظل يخطط ويفكر حتى يحصل على ما يريدون! ويذهب إليهم فرحا مسرورا…. رأيت ذلك الرجل بعيني! ورأيت ما يصنع بعيني. وكان يومها صائما في شدة حر الصيف.