بين يدي معلمي
بقلم / ربيع عبد الرؤوف الزواوي
نزعت نفسي اليوم الأحد 5 من ذي الحجة 1433 الموافق 21 أكتوبر 2012 من طاحونة الحياة في القاهرة، وسافرت إلى مدينة حوش عيسى بمحافظة البحيرة لحضور جنازة والدنا الفاضل الأستاذ محمد حسني الفحام رحمه الله، وهو حمو شقيقي الدكتور رمضان الزواوي.
كانت الجنازة بمسجد المحطة الذي له ذكريات قديمة، ورأيت وجوها لم أرها من أكثر من ثلاثين عاما، وشرفت برؤية اثنين من أساتذتي بالمرحلة الثانوية؛ هما الدكتور عبد الجواد الفحام الأستاذ بكلية دار العلوم، والأستاذ عبد الخالق الفحام الموجه بالتربية والتعليم. وضعت قبلة فوق رأس كل منهما، احتضناني بحفاوة وحب وتكريم، كأني أنا الأستاذ وهما التلميذ، شعرت براحة نفسية جميلة حينما أجلساني بينهما.
ما أجمل اللحظات حين نعيشها كبارا بروح الصغار، شعرت وأنا بين يديهما كأني بشبابي من ثلاثين عاما مضت…
تمنيت لو رأيت أيضا جميع أساتذتي في المرحلة الثانوية وتذكرت منهم الأستاذ شحاته الدفراوي رحمه الله، والأستاذ حامد شلبي، والأستاذ عبد الله قريطم، والأستاذ يوسف سعيد، والأستاذ عبد العزيز سعيد رحمه الله، والأستاذ محمود مجاور رحمه الله، والأستاذ عطا الله، والأستاذ عزمي قريطم، والأستاذ فارس والأستاذ حسني القصاص، والأستاذ شوقي قريطم، والأستاذ الفاضل المربي فايز النجار.. وغيرهم من هذا الجيل الرائع…
أخشى أن ينقرض هذا الجيل من المعلمين… الجيل الذي قال فيه شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي *** يبني وينشيء أنفسا وعقولا
أخشى أن نكون الآن في جيل المعلمين الذي قال فيه الشاعر إبراهيم طوقان الذي عارض كلام شوقي في المعلمين فقال:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي *** قم للمعلم وفّه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلاً *** من كان للنشء الصغار خليلا
ويكاد يفلقني الأّمير بقوله *** كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرّب التعليم شوقي ساعة *** لقضى الحياة شقاوة وخمولا
إلى أن يقول:
يا من يريد الانتحار وجدته *** إنَّ المعلم لا يعيش طويلا
كما سررت برؤية والدنا العابد الحاج محمود حسنين قريطم، فوجدته على ما تركته عليه من ثلاثين عاما زهدا وعبادة…
كما تمنيت أيضا أن أرى أصحابي وزملائي الذين كانوا معي بالمرحلة الثانوية، والذين صاروا اليوم هم كبار الشخصيات والمسئولين بحوش عيسى، والمهندسين والأطباء و… و… بعضهم حضر الصلاة معنا ولكن لم نتعرف بسبب طول المدة!…
رغم مشقة السفر والعودة في نفس اليوم عليّ، إلا أن رؤية أهلي وناسي أنستني تلك المشقة.