أخيرا… ينادون بالفصل بينهما!
بقلم: ربيع عبد الرؤوف الزواوي
جميل أن ينتهي بعض من عقلاء الغرب بعد هذه القرون إلى ما نادى به الإسلام منذ خمسة عشر قرنا، فبعض عقلاء الغرب ينادون اليوم بالفصل بين الجنسين، الذى دعا له الإسلام ويتنكر له اليوم بعض أتباع الفكر الغربي في بلادنا، فقد كتب كرستوفر فاريل ما نقلته عنه مجلة بزنس ويك العربية في عددها إبريل 2008م، تحت عنوان: نعم للفصل بين الجنسين: (تقول بعض النساء العاملات أنهن يتعرضن للتحرش في مكان العمل، طبقا لمسح نفذتهNovations Group ويعرب 38 بالمائة من المستفتيات أنهن تعرضن لتلميح أو مغازلة أو حتى للإهانة العام الماضي مقابل 22 بالمائة في 2006 ، وظلّت النسبة لدى الرجال مستقرة عند 45 بالمائة وإن كان هؤلاء أكثر عرضة لسماع شتى أنواع التعليقات التي تدرج في خانة التحرش أو حتى ذات الطابع العنصري بالمقارنة مع النساء.
ويشير مايكل هايتر الرئيس التنفيذي في Novations وهي شركة استشارية في بوسطن إلى أن الزيادة الكبيرة في نسب التحرش يصعب تفسيرها، وهو يلفت إلى أن عدم صبر النساء – لا كثافة الحوادث – هو الذي يأخذ منحى تصاعديا.
ويقول بول سيكوندا أستاذ القانون في جامعة Mississip أن النتائج تعكس غياب التكلف بين الجنسين، بوجود موظفين من الجنس الخشن يدلون بتعليقات أكثر انفتاحا، لتكون بمثابة معاملة للنساء من الندّ للند، لكن المشكلة تتمثّل برأيه في أن ” ما يعد منطقيا للرجل، قد لا يكون كذلك للمرأة” مضيفا أن ثمن الفارق ” قد ينتهي أمام المحاكم”).
فسبحان الله الذي يعلم ما ينفع الإنسان (ألا يعلم من خلق)؟ ولذلك يسمى الإسلام بدين الفطرة، فكل شرائعه تتماشى مع فطرة الإنسان التي خلقه الله عليها، ولا يصطدم شيء منها مع ما ركبه الله فيه من فطرة.
وإذا جنبنا العواطف والتحيزات – أي نوع منها – نجد أن الصورة المشرقة للمجتمعات الإسلامية اليوم، رغم بعدها الشديد عن شريعة الله، أحسن ألف مرة من الصورة الحقيقية للمجتمعات الغربية التي انتكست فطرتها، وتنكبت دين ربها، وباعت الآخرة بالدنيا.
فما بالك بالمجتمع الإسلامي الأول؟ كيف كانت صورته المشرقة؟ كيف كان نقاؤه؟ كيف كان راحة بال أهله؟ إن الإنسان ليقرأ بعض قصص العفة، ومواقف الشهامة في ذاك المجتمع الغابر، فيشعر بالخجل، ويندى جبينه لضياع الفضيلة.
والذي ينظر بعين النصفة يجد أن الأماكن التي فيها الاختلاط بين الجنسين – في مجتمعاتنا الشرقية اليوم – لا يستريح أفراده، ولا تستقر نفوسهم، وكم سمعنا عن حوادث يأسف لها الإنسان فعلا.
ومن أسف أن جماعة من المفتتنين بالغرب، لم يستطيعوا الصمود أمام نصوص الشريعة الإسلامية التي تدعوا للفصل بين الجنسين، فراحوا يأوّلون كل نص، ويحرّفون كل دليل، يدعوا لذلك، وتشبّثوا بروايات أو مواقف قليلة كانت في حكم الضرورة، بمشاركة المرأة في الحروب وقيامها بالتمريض، أو التعليم، أو غير ذلك من الأمور، فجعلوها هي الأساس وبنوا عليها أحكاما، بجواز الاختلاط بين الجنسين بداع وبغير داع، وتطاولوا على من يقول بغير قولهم من هذه الأمة الإسلامية؛ من أولها لليوم، فراحوا تارة يلقبوهم بالرجعيين، أو بالمتزمتين، أو بالبدو، أو بغير ذلك من الأسماء!.
ونحن هنا لا نحصر الأمر في جدلية ألنقاب فرض أم لا؟ فحتى على رأي من يرون جواز كشف الوجه والكفين، فهل من ضرورة لاختلاط الجنسين بداع وبغير داع؟
إن بعض عقلاء الغرب اليوم سلّموا بذلك، وأقروا به؛ لكونهم رأوا بأم أعينهم الواقع، وحللوا الأسباب، وربطوها بالنتائج، ولم يعاندوا أنفسهم، فهل نقر نحن بذلك؟.