بائع السميط
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
أتاح لي زحام الطريق وبطء حركة السيارات اليوم (كان ذلك في نوفمبر 2014) في طريق العودة إلى القاهرة على كوبري 6 أكتوبر؛ مشاهدة (خناقة) بين بائعين من بائعي السميط…
وقد فهمت من خلال وقائع الـ (خناقة) والتقاط بعض الكلمات فهم سببها… ألا وهو إن أحدهما – ببساطة – يرى أن الآخر بيقطع عليه… يعنى يقلل من فرص فوزه بالزبون المحتمل…
يرى أحدهما أن اﻵخر إذا ذهب يمينا أو يسارا سيلتقط منه الزبون المحتمل… وبالتالي فعليه أن يترك هذا الطريق بالمرة…
وهذا خطأ بمنطق العقل والـ (بيزنس)… فضلا عن كونه خلق مشين وسلوك لا إنساني…
إننا أحيانا لا نقرر شراء شيء على الطريق إلا بعد أن يلفت نظرنا أول – وربما ثاني – بائع، فنفكر ونقرر الشراء… فنتوقف…. فيكون البائع الأول نافعا لمن بعده وليس ضارا له…
للأسف هذا المنطق – منطق بائع السميط – تتعامل به الشركات الكبيرة في عالمنا العجيب الذي أنهكته الرأسمالية الجبارة التي جعلت من المكاسب المادية المحتملة إله من دون كل الأخلاق الإنسانية…
فبعض الشركات توقع عقودها مع موظفيها واضعة شروط ﻻ أخلاقية… كأن ﻻ يعمل في شركات منافسة لمدة عامين إذا ترك العمل بها!…
وﻻ أدري من أين يتكسب ﻹعاشة نفسه وأسرته في هذين العامين؟!… وماذا سيفعل؟ وماذا يمارس من نشاط؟… كنا زمان نضحك ونقول: يبيع سميط!…
قدر لي – من حوالي شهر – أن أحضر صالونا ثقافيا بالمعهد القومي للجودة حول نظام (المساءلة الاجتماعية) والمعروف عالميا ب SA 8000 … فكان مجموعة من الحاضرين ﻻ سيما أصحاب الشركات ومديرو شئون الموظفين أو الموارد البشرية ببعض الشركات الكبرى يستغربون ويعترضون…
وقد لجأت منظمة العمل الدولية إلى نظام (المساءلة الاجتماعية) بعد أن لفحها لهيب ما وصلنا إليه من صراعات مالية عجيبة… وصار اﻹنسان مضارا منها ومطحونا برحاها… فكان البند الثامن من بنود نظام (المساءلة الاجتماعية) التسعة متعلقا بأن ﻻ يمس العامل ماديا وﻻ يعاقب ماليا مهما حدث… وحددت بدائل أخرى للعقاب.
وهو نظام يقوم على مواصفة دولية تهتم بالعنصر البشري؛ بمعنى أنها تركز على الإنسان العامل أو الموظف وتنصفه من أصحاب العمل… وقد تأسست في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1997 وتقوم على 9 مبادئ هي المبادئ التي تحكم منظمة العمل الدولية.
وتقوم هذه المبادئ التسعة على اشتراطات محددة لا يجوز بحال من الأحوال مخالفتها لنيل الشهادة في تطبيق نظام المساءلة الاجتماعية…
تدور هذه المبادئ التسعة باختصار حول:
1- منع عمالة الأطفال ولها شروط رائعة لو لابد منها أو اضطررنا لها.
2- منع العمالة الجبرية
3- مراعات اشتراطات الصحة والسلامة
4- توفير ورعاية حق الحرية في التعبير
5- منع التمييز؛ سواء في التعيين أو في الأجور
6- توفير الممارسات الانضباطية؛ التي تمنع وقوع التحرش أو القهر أو ما شابه.
7- ساعات العمل المحددة
8- أن لا تمس الأجور والمرتبات كوسائل عقاب
9- وأخيرا… توفر نظام الإدارة بالمنشأة
وأظن أنه لا يزال الوقت بعيدا حتى نطبق هذه النظام في عالمنا العربي؛ فقد ذكرته مرة في محاضرة خارج مصر أمام مجموعة من المستثمرين وأصحاب الشركات فنظر بعضهم إلى بعض… وقال لي أصفاهم: حرام عليك… شوف لنا أنظمة تانية…