في رحاب فضيلة الشيخ فتحي منصور
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
عرفت فضيلة الشيخ فتحي منصور (وهو إمام وخطيب سابق بمسجد القويري بالهانوفيل عجمي الإسكندرية) في بدايات عام 1993 عن طريق جاري الفاضل (ابن عم الشيخ) سعادة الأستاذ محمد عبد السلام منصور، الذي حدثني عن فضيلة الشيخ فتحي منصور حديث التلميذ المحب للشيخ، فشوقني حديثه عن الشيخ فتحي أن أذهب لزيارته ولقائه.
لكن يبدو أن الأستاذ محمد عبد السلام كان يفعل الشيء نفسه عني مع الشيخ فتحي… وكان الشيخ فتحي أكرم وأفضل مني؛ إذ سبقني وشرفني بزيارته قبل أن أذهب أنا إليه… وهو أكبر سنا وأجل فضلا…
فلمست أخلاقا فاضلة وشيما كريمة… ونفسا صافية، وطبعا هادئا، وأدبا غير متكلف… بل كل أموره تمضي على سجية وفطرة…
كما لمست فيه زهدا في الدنيا وزخرف الحياة وزهرتها… يقطع جل أوقاته في التزود للآخرة… نسأل الله تعالى لنا وله حسن الخاتمة.
جذبني إلى الشيخ فتحي منصور أخلاقه وشمائله وأدبه قبل علمه وحواراته ونقاشاته وطرحه…
مضت سنوات أربع من الود والتصافي والزيارات واللقاءات… إلى أن فاتحني الشيخ في عام 1997 عن رغبته في طباعة كتاب (الإيمان وشعبه) وما إذا أمكن أن أرشح له دار نشر للقيام بهذه المهمة…
فانطلقنا في اليوم التالي بسيارة الأستاذ محمد عبد السلام إلى دار النشر التي رشحتها له… وفي الطريق أطلعني على الكتاب، فرأيت جهدا مبذولا، وحسن تناول، وتقريبا لمسائل مهمة في الإيمان وشعبه…
فأخرجت ورقة وكتبت فيها كلمة عن الشيخ فتحي وعن ما في الكتاب… بقصد تعريف الناشر به؛ أتركها له في الكتاب إذا لم نجده… لكن الشيخ لتواضعه وأدبه شاء أن تطبع في صدر الكتاب… وتفاجأت بعد نشر الكتاب بصورة ما كتبت بخطي… كتبت فيها:
(لقد قضى فضيلة الشيخ / فتحي منصور أكثر من ثلاثين عاما في الدعوة إلى الله تعالى، وعرفته المنابر خطيبا مؤثرا، وعرفته المجالس وحلقات العلم معلما وواعظا، وقد حباه الله تعالى أخلاقا عظيمة، تؤثر فيك – إذ تراه – أكثر مما يؤثر فيك علمه الجم.
وقد رزقه الله حبا في قلوب عارفيه، أحسبه من المخلصين، ولا أزكيه على الله.
والكتاب الذي بين يديك خطه بيمينه بعد هذه الفترة الطويلة من الخبرة والمطالعة؛ ليكون زادا للدعاة والخطباء في خطبهم ووعظهم وإرشادهم، وأحسب أن كل ما جاء في الكتاب نصيحة محب ﻻ تزوير خب… فدونك أيها الأخ الداعية؛ مغتسل بارد وشراب.).
يقول الشيخ فتحي منصور في مقدمة الكتاب: … فإني لما قرأت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة…) تطلعت لمعرفة هذه الشعب وزاد شوقي لمعرفتها قول الإمام ابن حجر في فتح الباري: إنها ترجع إلى أعمال القلب وهي أربع وعشرون شعبة. وأعمال اللسان وهي سبع شعب، وأعمال الجوارح وهي ثماني وثلاثون شعبة.
وذكر أن أفضل من كتب فيها ابن حبان، فبحثت عن كتابه فلم أجده. ولم أجد كتابا في هذا الموضوع غير كتاب (شعب الإيمان) للإمام البيهقي في ثمانية مجلدات، وموجز له هو (مختصر شعب الإيمان) لأبي جعفر عمر القزويني، في ثلاثمائة صحيفة من القطع المتوسط. فالأول طوله ممل. والثاني ﻻ يغني خطيبا ولا واعظا ولا معلما.
فعزمت أن أجمع في كل شعبة بعض ما كتب فيها مستعينا بالله ومتوكلا عليه… وأسميته (الإيمان وشعبه) تمييزا له عن غيره.
بعد صدور الكتاب… تسلّم الشيخ فتحي كل نسخه ووضع خطة لتوزيعه على الخطباء على وجه الخصوص بجميع محافظات مصر، وبذل جهدا مضنيا… نسأل الله أن يثيبه ويجزيه خيرا على ذلك.
كما ختم جميع النسخ بخاتم (وقف لله تعالى لا يجوز بيعه وشراؤه).
جاء الكتاب في 490 صفحة في طبعته هذه… وقد أبلغني الشيخ أخيرا أنه أضاف إليه زيادات وتنقيحات وبعض التنسيق في إخراج الكتاب ، بلغت صفحاته 520 صفحة تقريبا… نسأل الله أن ينفع به…
أنصح بقراءته واقتنائه… فنَفَس الشيخ فيه مبارك وظاهر ملموس… حدثني بذلك جماعة ممن قرأوا الكتاب.