مكارم الأخلاق ومكانتها في الشريعة الإسلامية
.
مقدمة الكتاب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن بعثه ربُّه رحمة للعالمين، وعلى جميع آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد..
فإن مما يُجمع عليه العاقلون أن انهدام منظومة مكارم الأخلاق أضرُّ بكثير من انهدام المصانع وخراب البلاد، وأن فساد الأخلاق وضياع المكارم، أضرُّ على الناس من ضياع الأموال والمدَّخرات والمقدَّرات.
وأن الأُمة الإسلامية كم أصابها من نوائب الدهر وإحن الزمان على أيدي أعدائها، وكم فعلوا بها الأفاعيل، وكم نكّلوا بأبنائها، وكم هدموا البيوت والمصانع، وخرَّبوا المزارع المخضَرَّة، وكم نسفوا أعالي البنيان، وقتلوا الذَّراري والنِّساء، وساقوا الرجال ونالوا من أجسادهم وعذَّبوهم، ونكَّلوا بهم، ثم ما لبثت الأمة تعود بعد هذه الإحن أصلبَ مما كانت، وأنشفَ عودًا من قبلها، وأخبرَ بصروف الدَّهر، وتقلّبات الأيام من قبل، وما يفتؤ الزمان يدور حتى تقوم من كبوتها، وتهُبّ من نومتها.