المسح على الجوربين
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
من القضايا التي أتحاشى الكلام فيها من المسائل الخلافية في الفقه؛ قضية المسح على الجوارب والخفاف، على وجه الخصوص…
وذلك لانتشار أقوال بين طلبة العلم المبتدئين من الشباب تتسم بالتشديد والحيطة في هذه المسألة… ويذكرون عن شيوخهم شروطا أحالت الأمر لضرب من العنت!
وهؤلاء الشباب أنشط في نشر السنن بين الناس وﻻ شك… وفيهم من الخير الكثير… وأخشى أحيانا من ردة أفعالهم العنيفة في بعض الأوقات… وأنا حريص على أن تظل صورتهم في أعين الناس حسنة وسيرتهم طيبة… ولا أحب أن تهتز صورتهم في أعين الناس… فأسكت ولا أتكلم ساعتئذ.
غير أن هذا الصقيع الشديد والبرد القارس يدعو بلا شك للكلام في المسألة، لحاجة الناس للمسح على الجوارب هذه الأيام…
ولا أدعي أني فقيه، أو لي رأي، أو أن لي (أرى) أو (عندي)… لا أبدا… إنما أزعم اني اطلعت على المذاهب الفقهية بعامة، والأربعة على وجه الخصوص، لا أقول في كل المسائل الفقهية، إنما بعضها أو معظمها… وهذه المسألة من هذا البعض…
وما سأكتبه من خلاصات في هذه المسألة بعد قليل هو ما أدين لله به، غير مرتاب في حرف منه… ولا يلزم أحد من المسلمين الأخذ به…ومن ثم فإن كنت ترى غيره فاضرب بكلامي عرض الحائط، واجعله في طي الإهمال… وإني في جميعها مستند على قاعدة (المشقة تجلب التيسير).
فأقول مستعينا بالله:
– جميع ما ذكره العلماء قديما عن الخف ينطبق على الجورب.
– يقصد بالخف أو الجورب ما غطى الكعبين منهما.
– يجوز المسح على الخف والجورب الممزقين.
– لا يكون المسح عليها إلا عند لبسهما على وضوء.
– مدة المسح يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
– مدة المسح تبدأ من وقت الحدث وليس من وقت اللبس (هذا رأي الجمهور منهم أبو حنيفة والشافعي رحمهما الله) والذي يستريح إليه المسكين كاتب هذه السطور أن مدة المسح تبدأ من وقت أول مسح وليس وقت الحدث… وهو الذي حكاه شيخ شيخي ابن سعدي رحمهما الله… وقال النووي رحمه الله أنه أصح دليلا.
– من خلع الخف أو الجورب الممسوح عليه وهو لا يزال على وضوئه الذي مسح عليهما فيه، فله أن يصلي ما لم يحدث.
– من لبس الحذاء فوق الجورب على وضوء فله أن يمسح على الحذاء… ، وتصح صلاته عند خلع الحذاء وحده أو الحذاء والجورب ما لم يحدث… ولكن الحذاء وحده لا يجزي المسح عليه إذا كان لا يواري الكعبين.
– المسح على الجورب أو الخف هو إمرار اليد المبلولة بالماء على أعلاها.
– اشتراط ثبات الخف والجورب بنفسه لا أصل له من كلام أحمد بن حنبل رحمه الله وإنما المنصوص عليه عنده عكسه.
– لا تدخل جوارب النساء الشفافة في هذه الأحكام والمسح عليها لا يجزي ولا تصح الصلاة به.
– المسح على الخف والجورب رخصة، والرخصة في اللغة السهولة، وفي الشرع ما يثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح.
– من صفات أهل البدع عدم المسح على الخفين والجوارب.
– الأفضل للابس الخفين والجوربين المسح عليهما لا نزعهما (كما أكده ابن القيم رحمه الله).
– روي المسح عن (سبعين) بالقول والفعل… وقال أحمد ابن حنبل رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء وفيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
– اتفق على المسح أهل السنة والجماعة ونقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على جوازه.
ويجدر أخيرا أن أنبه إلى أمر غير مقبول؛ وهو أن بعض الناس يدخلون أماكن الوضوء في المساجد بالجوارب وتكون أرضية المكان مبللة بالماء، فيبتل أسفل الجوربين، ومع الوقت بوضع الرجلين في الحذاء، تنتج عن ذلك رائحة كريهة تؤذي المصلين، وهو ضرر ولا شك… فالحق يقال أن هذا أمر يخرج بنا في هذه الحالة إلى تقديم وإعمال قاعدة ( الضرر يزال) على قاعدة (المشقة تجلب التيسير) التي بني عليها معظم هذه الأحكام… فليتنبه لذلك.