أصناف الناس مع الموت!
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
إني محدثك عن أصناف الناس (كل الناس) مع الموت بحديث استفدته في مقتبل عمري لا أنساه ما حييت… استفدته من كتاب إحياء علوم الدين… وإني محدثك به الآن ملخصا… فاصغِ له وانتبه، وتأمله… وانظر لنفسك من أي صنف أنت؟…
فالناس كل الناس:
1- إما (منهمك في الدنيا): مكبّ على غرورها، محبّ لشهواتها، غافل قلبُه لا محالة عن ذكر الموت فلا يذكره…
لا يذكر الموت أبدا… ولا يحب ذكره… وإذا ذكر به كره ذلك ونفر منه… وفي هذا وأمثاله جاء قول الله تعالى: (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)…
وهؤلاء إن ذكروا الموت فإنما يذكرونه للتأسف على الدنيا… مشتغلون بذمه… وهؤلاء يزيدهم ذكر الموت من الله بعدا.
2- وإما (تائب مبتدئ): يكثر من ذكر الموت لينبعث به قلبه خوفا وخشية… ليفي بتمام التوبة.
وربما يكره الموت خشية أن يختطفه قبل تمام التوبة وقبل إصلاح النفس وتجهيز الزاد… وهذا معذور وليس مذموم…
فهو ليس يكره الموت ولقاء الله… وإنما يخاف فوت لقاء الله لتقصيره…
وهو كمن يشتغل بالاستعداد للقاء الحبيب على وجه يرضاه… فلا يعد كارها للقائه بتأخره هذا…
وعلامة ذلك أن يكون دائم الاستعداد له، وليس مشغولا بسواه… وإلا يعد منهمكا في الدنيا…
3- وإما (عارف): يذكر الموت دائما… فهو موعد لقاء حبيبه… والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب….
وهذا غالبا يستبطئ مجئ الموت، ويحب مجيئه ليتخلص من الدنيا دار العاصين… وينتقل إلى جوار رب العالمين….
فاللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين….
والناس يغفلون عن الموت لقلة فكرهم فيه وذكرهم له… وبعض الناس يذكره بقلب مشغول بشهوات الدنيا؛ فلا ينتفع قلبه بذكر الموت…
وأفضل طريق لذكر الموت ان يكثر الإنسان ذكر أقرانه وأصحابه الذين ماتوا قبله… فيتذكر موتهم ومصارعهم تحت التراب… ويتذكر مناصبهم في الدنيا وصورهم وأحوالهم… وغير ذلك…
ثم ينظر لنفسه أنه مثلهم وغفلته كغفلتهم وستكون عاقبته كعاقبتهم…
نسأل الله حسن الخاتمة.