على هامش رحلة الرياض في 20 – 24 / 12 / 2010
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
كان على هامش هذه الرحلة السريعة لقاء مجموعة من الأحباب والأفاضل منهم الشيخ عبد المحسن قاسم إمام الحرم النبوي الشريف، والدكتور حمزة السالم الأستاذ في جامعة الأمير سلطان، والدكتور سعد الشهراني، والأستاذ شعبان قزامل، والدكتور عبد الله آل سيف، والأستاذ أحمد العراجي، والدكتور طارق المشهراوي، والأستاذ غياث عمر، والأستاذ صبري أبو الفضل، والأستاذ إبراهيم الفريح، والأستاذ فهد التركي، والأستاذ محمد عمر المصري…. وغيرهم.
كان واجب تلبية الدعوة على العشاء بمنزل الدكتور حمزة السالم الأستاذ بجامعة الأمير سلطان والكاتب والباحث الاقتصادي المعروف؛ حق مبيت ودين قديم علي منذ الزيارة التي قبل هذه منذ شهرين تقريبا، ولذلك حدد لي الدكتور حمزة موعدا لهذا اللقاء من قبل سفري من القاهرة، وكان هو يومها بالمدينة في مؤتمر تقيمه الجامعة الإسلامية هناك عن دور المملكة في خدمة القضايا الإسلامية، ودعت له مجموعة من الأعلام من عدة دول.
عرفت الدكتور حمزة السالم منذ فترة طويلة من خلال مقالاته ذات النبرة الصادقة، وآرائه الجريئة، وقضاياه الاقتصادية الشائكة التي يثيرها، ويتلقى على أثرها ردودا قاسية وانتقادات لاذعة، ويتحمل كل ذلك في سبيل ما يراه ويتبناه من قضايا عن اقتناع، هو فيها مجتهد مصيب أو مخطأ، مأجور على كل حال إن شاء الله.
وكان الدكتور حمزة قد زارني عدة مرات بمقر إقامتي الدائمة بفندق أضواء بحي الحمراء طريق الملك عبد الله بالرياض والذي تعودت النزول فيه في زيارات للرياض، واستمعت منه لمدة ساعات طويلة وقرأت الرجل جيدا، وعرفتت أفكاره وسمعت طرحه وقضاياه التي يطرحها عن قرب.
لم يتمكن الدكتور حمزة من المرور على بالفندق كما وعدني بعد وصولي الرياض، فجاءني الدكتور سعد الشهراني وهو أصغر سعودي حصل على درجة الدكتوراه، وتم تكريمه من قبل وزارة التعليم العالي بالمملكة لهذا السبب، وهو يعمل الآن بمؤسسة النقد العربي السعودي، وأعرفه منذ فترة أيضا، وتوجهنا إلى منزل الدكتور حمزة بأحد أحياء الرياض الهادئة.
وهناك التقيت لأول بمرة بفضيلة الشيخ عبد المحسن قاسم إمام الحرم النبوي الشريف، صاحب الصوت العذب والهادئ، وهو صاحب خلق جم يدعوك لاحترامه وإكباره؛ لهيبته ووقاره، وحسن خلقه.
اغتنمت هذه الفرصة لأسأل الشيخ عبد المحسن عن سر اختفاء صوت الشيخ سعد الغامدي بالحرم النبوي الشريف بعد اعتماده إماما للحرم النبوي منذ عامين تقريبا، وقد أمّ المصلين بالحرم النبوي مرات قليلة بصلاة التراويح في شهر رمضان منذ عامين ثم انقطعت إمامته! فأخبرني بأن سبب ذلك تغير طرأ على صوت الشيخ سعد، منعه من إمامة المصلين بالحرم، فلم يتمكن من المواصلة لهذا السبب. نسأل الله تعالى له الشفاء وأن يعيد عليه صوته العذب، فالشيخ سعد الغامدي صاحب صوت من الأصوات النادرة التي تدعو للخشوع وتدعوك للإصغاء والمتابعة.
عرفت أن الدكتور حمزة كان صاحب فضل على الشيخ عبد المحسن قاسم في حفظه للقرآن، حيث كانا جارين، وكان الدكتور حمزة يحفظ نصف القرآن فقط، فجاء الشيخ عبد المحسن ليقرأ عليه، فتشجع الدكتور حمزة بسبب حماسة الشيخ عبد المحسن لإتمام حفظ القرآن؛ فأتم هو كذلك حفظه.
كما حرص الدكتور حمزة على أن يحفظ أبناؤه القرآن، فابنه الأكبر أحمد يؤم المصلين في شهر رمضان بالولايات المتحدة الأمريكية، وأخبرني الدكتور سعد بأن صوته بالقرآن من أجمل الأصوات، رغم أني لاحظت ضعف لسانه باللغة العربية لطول فترة مكثه بأمريكا.
والدكتور حمزة من يعرفه من خلال مقالاته وصولاته في الصحافة الورقية والإلكترونية لا يدرك أبدا ما يحمل هذا الرجل من نفس كريمة، وسجايا عظيمة، وكرم أخلاق، وتصالح مع النفس، وأكثر ما يغضبه عدم إدراك خصومه ومنتقديه لما يقول، وعدم وصول ما يريده إليهم.
الرجل كريم جدا في بيته، وسمح قريب حبيب، أعجبني مداعباته لأصدقاء أبنائه من الشباب وحرصه على أن يتعشوا معنا، وتأكيده عليهم عدة مرات قبل موعد العشاء بفترة، بأن لا ينصرفوا إلا بعد العشاء، وما أظهره بهم من حفاوة، مثل ذلك الخلق – في نظري – درسا للآباء الذين لا يكترثون بأبنائهم بله أصدقائهم.
أدركت أن هذا الرجل يحتاج لمن يقرأه ويقدمه للقراء – لاسيما منتقدوه – من جديد، ولعل الله تعالى يأذن بفسحة من العمر لأكتب مقالا بعنوان: (حمزة السالم الوجه الآخر) لينشر في نفس الدوريات الورقية والإلكترونية التي تنشر مقالاته التي يُهاجم بسببها، وأعرّف منتقديه ما يخفى عليهم في هذا الرجل، الذي وفقه الله فجمع له بين العلم الشرعي، وعلم الاقتصاد الحديث، وعلم العسكرية والانضباط والنظام؛ فقد قضى فترة من عمرة بالجيش، ثم تركه لدراسة الماجستير والدكتوراه بأمريكا وكان وقتها برتبة مقدم، وبعد عودته من رحلته الدراسية تقدم لجامعة الأمير سلطان ليكون من أعضاء هيئة التدريس بها، وهذه أمور نادرا ما تُجمع لرجل.
وقد أثنى عليه فضيلة المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله وقال عنه أنه فقيه، وشهد له بذلك كثير من العلماء الأجلاء، ولكن ذلك لم ينشره أحد، ولا أدري لماذا؟ وجميع ما يطرحه الرجل ويُنتقد عليه، سبق أن قاله فقهاء كبار، وعلماء معروفون، وذلك مسطر في كتبهم ولم يُنكر عليهم، ولم يُهاجموا عليه كما هوجم الدكتور حمزة!.
من أشهر ما يثيره الدكتور حمزة السالم من قضايا خلافية قضية أن الربا لا يجري في العملات النقدية الورقية الحالية، ولا يقيسها على الذهب والفضة، والحق يقال أن هذا رأي قديم للشافعية ويتبناه مجموعة من المشايخ المعاصرين.
حدثني مرة بعض تلاميذ الدكتور حمزة أنه يظل يشرح آراءه للطلبة ويصبر عليهم ثم يشتد شيئا فشيئا ويعلو صوته حتى يقفذ أحيانا فوق (بنش) المدرجات المعروف بالجامعة وربما بكى من قسوة الردود عليه أحيانا.
وقال لي الدكتور حمزة أكثر من مرة: نفسي اللي يرد علي ينسى حمزة السالم ويكلمني بعلم وأدلة.
فإن قال قائل: ما الفائدة من طرحك لهذا الموضوع، أو ما الفائدة من طرح رأي الدكتور حمزة؟ قلت: زاد القدح في الرجل حتى وصل للاتهام بالزندقة والدعوة للانحلال والعمالة لأمريكا… ثم إني أرغب في أن نتعلم النقاش العلمي ونصبر على غرائب المسائل التي نجهلها، ونتعلم سعة الصدر وحسن الحوار وأدب الخلاف.
وأشهد الله ان الدكتور حمزة قال لي أنه تربي على كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا سيما كتاب التوحيد وأنه درسه للناس بالمسجد عدة مرات، قبل سفره لأمريكا… وأنه سلفي العقيدة ويحب الله ورسوله يقول ذلك وهو يبكي.