فاروق شوشة في ذمة الله
بقلم ربيع عبد الرؤوف الزواوي
إنا لله وإنا إليه راجعون.
وفاة اللغوي البارع، والأديب الشاعر/ فاروق شوشة…
فقدت اللغة العربية اليوم واحدا من أعمدتها، وعلما كبيرا من روادها المعاصرين، وخادما مخلصا لقضاياها ومعاناتها ومشاكلها…
في عام 1936 في محافظة دمياط وفي قرية الشعراء ولد أستاذنا الكبير فاروق شوشة… وأكرمه الله في طفولته بحفظ القرآن الكريم كاملا، والذي أتم حفظه في سن العاشرة…
وهذا لعمري سر النبوغ، وشارة الإنطلاق، ومربط الفرس في نبوغ عالمنا رحمه الله وتضلعه في بحر اللغة العربية العميق.
عاش عالمنا اللغوي المحترم عمره كله والذي بلغ 80 عاما خادما عاشقا للغة العربية وقضاياها ومشكلاتها…
وللفقيد رحلة أدبية وإعلامية امتدت حوالي 60 عاما… قدم فيها العديد من البرامج المتميزة والأمسيات الشعرية الجميلة، وكتب آلاف المقالات وأنتج العديد من الكتب والرسائل… وأشرف وشارك وترأس العديد من اللجان اللغوية المتخصصة، وناقش العديد من القضايا اللغوية في مجامع اللغة العربية ودورها في العديد من البلاد العربية.
وأما برامجه الإذاعية والتليفزيونية فلها الأثر الملموس ولها شهرتها التي لا تنكر؛ فمن منا لا يعرف برنامجه الجميل والمهم في الإذاعة المصرية (لغتنا الجميلة) ومن منا لا يعرف البرنامج التلفزيوني (أمسية شعرية)؟
الحق يقال أن للفقيد فضلا كبيرا على كاتب هذه السطور، بينما كان صغيرا في عقده الأول…
فقد كان هذا الرجل من أسباب عشقي للغة العربية وانفتاق لساني بها صغيرا… وكانت حصة التعبير تمثل لي تميزا بين أقراني ونحن صغار… وكنت بسببه أشعر بسهولة في نحت التراكيب والجمل…
فبرنامجه لغتنا الجميلة وبرنامجه الأسبوعي يوم الجمعة قبيل صلاة الجمعة وطريقة أدائه لا تزال محفورة في الذاكرة.
وكانت مقالاته رحمه الله في مجلة العربي الكويتية تمثل لي وجبة شهرية دسمة في الشعر والأدب واللغة والتاريخ… ولربما أحوجني بعضها لقراءتها أكثر من مرة…
كان عالمنا رحمه الله يتميز في أسلوبه وحديثه بالسهولة والبساطة وعدم التكلف رغم العمق ورغم ما يحمل بين جوانحه من معارف لغوية ضاربة جذورها، وعميقة عمق التاريخ واللغة، وهذه أمور تدعو أحيانا للتكلف وتسبب الصعوبة في الفهم لدى المستمع المعاصر.
أتذكر في عام 1999 أن الإذاعي المتميز الدكتور فوزي خليل رحمه الله قال لي: نفسي بعض الزملاء المذيعين في إذاعة القرآن الكريم يتعلموا من الأستاذ فاروق شوشة في طريقة إلقائه ويبطلوا التقعر في الكلام… ونقل لي كلاما بهذا المعنى عن أستاذه الإذاعي المخضرم صبري سلامة رحمه الله والذي امتحنه في مسابقة تقدمه للعمل بإذاعة القرآن الكريم.
وبموت الأستاذ فاروق شوشة اليوم الجمعة 14 أكتوبر 2016 طويت صفحة من صفحات الجمال والبساطة والسهولة في التعبير اللغوي والأدب العربي الأصيل…
رحمه الله…