نص الاستشارة: نفسيتي تعبانة جدا بسبب أني أسأت لزميل لي، ولا أكاد أنام من عقاب النفس!!! أرجو النصيحة. وشكرا. أخوكم أحمد من مصر.

نص الجواب: طبعا عقاب النفس قاسٍ لا سيما مع عظم الجرم، وقرب من أجرمنا في حقه من الناس من قلوبنا، أو كنا ظالمين له، أو متعدين على حقه، أو هاتكين لعرضه، أو يكون بريئا وإنما افترينا عليه زورا وبهتانا!
إن صاحب النفس اللوامة يقتله تأنيب الضمير، وعقاب النفس وهذه نعمة، وأفضل بكثير من موت القلب وخبث النفس حتى تنغلق مجاري الخير؛ التي تغذي جانب الخير فيها، ولذلك قرن الله تعالى القسم بهذه النفس مع قسمه بأمر عظيم وهو يوم القيامة، فقال جل شأنه: (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة) ولا هنا تزاد في كلام العرب عند القسم لتأكيده وتعظيم المقسوم به.

ولما كان الله جلت قدرته خلقنا على الفطرة، فكانت نفوسنا لا تطمئن ولا يسكن ولا تهدأ ولا تسعد ولا تستريح إلا مع الخير والحق والعدل والرحمة والإحسان والبر… وتضطرب وتنزعج وتأسى و… بضد ذلك كله.
ولذلك؛ شرع الله التوبة من فعل الآثام، والتخلص من الحقوق لراحة النفس وسعادتها وانشراحها في الدنيا، وحيازة الأجر من أجل الآخرة، والعلو في درجات الجنة.

فما عليك إلا إذا كنت أكلت ماله أن ترجعه إليه بأي صورة وبأي وسيلة، وإذا كنت ذممته واغتبته أن تمدحه وتثني عليه في نفس المجالس التي ذممته واغتبته فيها، وإن كنت ضيّعت عليه أمر، أو فوّت عليه خيرا أن تحرص على إسداء مثله أو أفضل إليه، وعليك أن تستسمحه؛ فتطلب منه السماح والصفح والعفو، وأن تبلغه أنك نادم على فعلك معه، إلى غير ذلك من الأمور.

وإلا فعش معذب النفس، مؤنب الضمير، غير منشرح الصدر، مضطرب الفؤاد.

وعليك أن تعلم أن الدنيا عمل والآخرة جزاء ولا عمل، فما ضيعناه هنا في الدنيا؛ من أين لنا في الآخرة أن نأتي به، وتذكر حديث المفلس، وبيان النبي صلى الله عليه وسلم للمفلس الحقيقي؛ وهو من أتى يوم القيام بحسنات، وقد شتم هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا… فيأخذون حقوقهم من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من سيئاتهم، فطرح في النار!!!

أسأل الله تعالى أن يرزقني وإياك حسن التخلص من الحقوق أولا بأول؛ إنه نعم المولى ونعم النصير.

ربيع عبد الرؤوف الزواوي

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon