المفسدون في الأرض

قصة كتابي: المفسدون في الأرض

في أوائل التسعينيات سيطرت عليّ آنذاك رغبة ملحّة في أن أتعرف باستفاضة على تاريخ اليهود من البداية حتى وقتنا المعاصر…

وسرعان ما تحوّلت هذه الرغبة وقتها إلى واقع…
وبعد أن مكثت فترة من القراءة والاطلاع، ومحاولة استيعاب تاريخ اليهود الأسود؛ لاحظت أن في تاريخهم شَبها منهم…

في تاريخهم شَبه من كل صفاتهم التي أثبتها القرآن الكريم؛ تيه، وتحريف، وتلبيس، ودسّ، وكذب… إلخ.

ثم تولدت عندي رغبة في تلخيص هذا التاريخ الأسود باختصار وسهولة لأهل عصرنا من غير أن يكون فيه تيه ولا غموض ولا صعوبة؛ في كتيب صغير الحجم سهل المتناول…

فهيأت لذلك مراجع بسيطة وواضحة جدا، اعتمدت عليها… بعد تأكدي من مطابقتها لتاريخ اليهود الذي أراه صحيحا…

ويمكنني بلا حرج أن أقول إنني لم أضع في الكتيب من صياغتي إلا اليسير جدا… اللهم إلا التبويب والتقديم والتأخير والترتيب…

فانتظمت لي وريقات في تاريخ اليهود لم أر فيها شيئا ذا بال… في كشكول متواضع أسميته (المفسدون في الأرض)…

في أواخر التسعينيات تقدمت لإحدى دور النشر آنذاك بمجموعة من المؤلفات في صورة عدد من الكشاكيل، كان كشكول (المفسدون في الأرض) أصغرها وأقلها شأنا، فمد الناشر يده عليه وأخذه دون سواه من الكشاكيل…
فعجبت لأمره؛ وكانت هذه هي (الأولى).

تم نشر الكتاب الصغير، وزاد الناشر لفظ اليهود على الغلاف في العنوان، وانتشر الكتاب بسرعة دون سواه مما نُشر لي من الكتب؛ سواء قبله أو بعده..
فتعجبت لأمره؛ وكانت هذه هي (الثانية).

ثم كان مشروع تطوير وتجديد مكتبة الإسكندرية، ووصلت كتبي على تواضعها إلى مكتبة الإسكندرية، وكان هذا الكتيب أولها وصولا.
فتعجبت لأمره؛ وكانت هذه هي (الثالثة).

ثم كان بعد ذلك مشروع التصوير الإلكتروني لمحتويات مكتبة الإسكندرية، ونشرها على الانترنت، وكان هذا الكتيب من أول الكتب نشرا في قسم التاريخ.
فتعجبت لأمره، وكانت هذه هي (الرابعة).

ثم انتشرت شبكة الإنترنت في عالمنا العربي بصورة أكبر في عصر أجهزة المحمول الذكية، وكان هذا الكتيب من أكثر الكتب انتشارا على شبكة الإنترنت، وأعلاها تنزيلا من القراء، دون غيره من كتبي.
فتعجبت لأمره؛ وكانت هذه هي (الخامسة).

رجعت إلى نفسي، وتأملت أمري، ورجعت بالذاكرة للوراء… فلم أجد للكتاب ميزة، ولا فيه شيء زائد عن غيره أبدا؛ اللهم إلا نيّة أظن أنها كانت صادقة، لم يخالطها غرض، ولم يداخلها حظ، ولم تشُبها شائبة…
ببساطة؛ أظن لم تكن نية كاتبه مدخولة…
آمل أن تكون كذلك…

أكتب ذلك اليوم بهدف تقديم الدرس لنفسي أولا ولإخواني ثانيا…
نياتنا يا سادة هي الأساس…
فعلا؛ (إنما الأعمال بالنيّات..).

ورحم الله أئمتنا الكبار؛ فقد كان لهم كلام نفيس في ذلك لم أستوعبه إلا أخيرا…

فالإمام مالك ردّ على من قال له: صَنّف الناس موطآت بقوله: سيبقى منها ما كان لله!…

والشوكاني لما احترق له كتاب بخطه من تأليفه قال: كانت نيّتي فيه مدخولة!…

فاللهم لا تحرمنا أجرك
ولا ترفع عنا فضلك
وأصلح ما تعلم ولا نعلم

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon