كتاب نبأُ المُرْسَلِين
سيرة الأنبياء والرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم

إعداد/ ربيع عبد الرءوف الزواوي

رقم الإيداع: 10870/2007

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
فإن أفضل من خلقهم الله من جنس الإنسان الذي كرمه وجعله خليفته في أرضه هم أنبياء الله ورسله عليهم جميعا الصلاة والسلام، وفي قصصهم ودعوتهم لأقوامهم العبر الكثيرة والمواعظ النافعة.
ولما كان أنبياء الله ورسله أكثر من أن يحصيهم محص أو يعدّهم عاد، فقد اكتفينا في هذا المختصر بذكر من ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم.
والأنبياء كما رُوي عن المعصوم صلى الله عليه وسلم أنهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، وأما الرسل منهم فثلاثمائة وثلاثة عشر؛ روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال: (ثلاثمائة وبضعة عشر، جمّا غفيرا)، وفي رواية أبي أمامة قال أبو ذر: قلت يا رسول الله: كم وفاء عدد الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، والرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا) صححه الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح.
وقد ذكر الله تعالى خمسة وعشرين نبيا ورسولا في القرآن الكريم، ذكر منهم في سورة الأنعام ثمانية عشر، والباقي في سور متفرقة ومن هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب هم هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم. كما جاء ذلك في صحيح ابن حبان عن أبي ذر مرفوعا: (منهم أربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر).
وقد اختلف العلماء في ثلاثة ممن ذكرهم القرآن الكريم، هل هم أنبياء أم لا؟ وهم: ذو القرنين وتُبّع والخضر. فذهب طائفة من أهل العلم إلى أن ذا القرنين نبي من الأنبياء وكذلك تُبّع، والأرجح أن نتوقف في إثبات النبوة لهما؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أدري أتبع أنبيا كان أم لا؟ وما أدري أذا القرنين أنبيا كان أم لا؟) أخرجه الحاكم بسند صحيح. وأما الخضر فالراجح أنه نبي لقول الله تعالى في آخر وصفه: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) أي أنه قد أوحى إليه في ذلك الفعل.
وسنذكر الأنبياء والرسل عليهم السلام بترتيب أزمان بعثتهم: فنذكرهم على هذا الترتيب:
آدم – إدريس – نوح – هود – صالح – إبراهيم – لوط – إسماعيل – إسحاق – يعقوب – يوسف – شعيب – أيوب – ذو الكفل – موسى – هارون – داود – سليمان – إلياس – اليسع – يونس – زكريا – يحيى – عيسى – محمد عليهم جميعا الصلاة والسلام.
وقد استخرجنا هذه الترجمة المختصرة لكل نبي من كتابنا (معجم الأسماء التي وردت في القرآن) والذي كُنّا قد صنفناه على ترتيب العلامة محمد إسماعيل إبراهيم رحمه الله في كتابة الماتع (معجم الألفاظ والأعلام القرآنية) فنذكرهم هنا على ترتيب بعثتهم لا على ترتيب المعجم كما ذكرناهم هناك.
وقد آثرنا الاختصار والاقتصار على ما ورد هناك، وختمنا هذه الكوكبة المباركة بمحمد عليه الصلاة والسلام واكتفينا بالاختصار في الكلام عنه كذلك لعدة أسباب، الأول تمشيا مع باقي إخوته الأنبياء والمرسلين الذي سبقوه عليهم جميعا الصلاة والسلام. السبب الثاني أن سيرته مشهورة والمؤلفات فيها كثيرة ومتوفرة والحمد لله. السبب الثالث والذي اكتفى به ليكون أخيرا لأن الهدف من الكتاب الترجمة للأنبياء والرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم مع الإشارة إلى عدد مرات ذكرهم والإشارة إلى أماكن الورود إذا كانت في الإمكان ولم تتجاوز عشر مرات مثلاً.
كما آثرت أن أسمّيه (نبأ المرسلين) تيمّنا بقول الله جل وعلا لنبيه: (… وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَأِ الْمُرْسَلِينَ) وإن كان المذكورين فيه عليهم السلام أنبياء ورسل، وليسوا رسلا فحسب.
ربيع عبد الرؤوف الزواوي

آدم عليه السلام
هو أبو البشر، وأول رجل خلقه الله تعالى على هيئته من صلصال من حمأ مسنون، أي من طين أسود مُنتن، ثم جعل ذريته تمر في خلقها بأطوار من نطفة إلى علقة إلى مضعة إلى آخر ما جاء في القرآن الكريم، وبعد أن تكون جسم آدم عليه السلام من الصلصال، نفخ فيه رب العزة من روحه مودعا إياه سرّا من أسراره يحيا به، ثم علمه الأسماء كلها، وجعله مستعدا لمعرفة خصائص الأشياء التي تقع تحت حِسّه.
وقد شاءت إرادة الله تعالى أن يستخلفه في الأرض، ليقوم بهداية ذريته إلى توحيد الله سبحانه وعبادته، وقد أمر الملائكة أن تسجد له سجود تحية وتكريم، وأمر إبليس معهم بالسجود له، فسجد الملائكة كلهم امتثالا لأمر الله إلا إبليس أبى واستكبر، فطرده الله من رحمته، وأبعده من جنته، وأسكن آدم وزوجه حواء الجنة، وأباح لهما التمتع بكل ما فيها من خيرات وطيبات، ونهاهما عن الاقتراب من شجرة معينة وعن الأكل من ثمارها، ولكن إبليس الذي كان قد حقد على آدم لأنه سبب طرده وشقاوته، أراد أن ينتقم منه، فوسوس إليه هو وزوجه أن يأكلا من الشجرة المحرّمة عليهما، وأقسم مؤكدا لهما أنها شجرة الخُلد التي لا يموت من أكل منها، فغوى آدم وأخطأ وجه الصواب لاعتقاده أن أحدا لا يقسم بالله كذبا، فغضب الله عليهما وسلبهما نعمته، وأنزلهما من الجنة التي كانا بها إلى الأرض، ليعيشا فيها وذريتهما مع إبليس وذريته أعدائهم، عيشة فيها التعب والعناء، بعد ذلك تلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليهما وحذرهما من إبليس وجنوده، وأعلمهما أن طور النعيم الخالص الذي مر بهما في الجنة قد انتهى، وأنه هو وذريته قد دخلوا في طور آخر من حياة أرضيه فيها طرق الخير والشر ليختار كل ما يشاء. ورد ذكر آدم عليه السلام خمس وعشرين مرة في القرآن الكريم.
* * *
إدريس عليه السلام
أول من أعطى النبوة بعد آدم عليه السلام هما إدريس وشَيث عليهما السلام، وكان إدريس أول من خَطّ بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثماني سنين، وقد ثبت في الصحيحين في حديث الإسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ به في السماء الرابعة التي رفعه لله إليها، وفي بعض الروايات أن إدريس عليه السلام كان أول الأنبياء، ثم تلاه نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون، ثم إلياس.
ولكن الترتيب الذي ذكرناه في هذا الكتاب أصحّ والله اعلم. ورد اسم إدريس مرتين في كتاب الله تعالى؛ في سورة مريم الآية: 56، وفي سورة الأنبياء الآية: 86.
نوح عليه السلام
هو ابن لامك بن منوشالح بن أخنوخ، من ذرية شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام ، وهو أول الرسل بعد آدم عليه السلام ، كما جاء في حديث الشفاعة عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم: (يا نوح أنت أول الرسل إلى الأرض) وتتلخص قصته حسب نصوص القرآن في أنه عليه السلام أُرسل إلى قوم كانوا يعبدون الأصنام: ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا وغيرها، فلما حذّرهم وأنذرهم عاقبة كفرهم كذبوه بعد طول الإقناع والجدال، وزادهم نصيحته لهم نفورا وعنادا، ولمّا يئس منهم دعا ربه أن يهلكهم، فأمره الله عز وجل أن يصنع سفينة تحمله هو ومن آمن معه، وكلما مرّ عليه ملأ من قومه وهو يبني السفينة سخروا منه، فلما حان وقت إهلاكهم فاضت الأرض بمائها الجوفي، وهطلت السماء، وعمّ الفيضان جميع اليابس وأغرقه، وكان نوح عليه السلام قد جمع أتباعه في السفينة وسارت بهم، ولم يركب ابن نوح عليه السلام معهم لأنه كان مع الكافرين، ولبثت السفينة عائمة في موج كالجبال إلى أن ابتلعت الأرض ماءها، واستوت السفينة على الجُودِيِّ، وهو جبل بالموصل أحد جبال أراراط في ديار بكر والمتصل بجبال أرمينية، وقال الله تعالى لنوح عليه السلام: ’’اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ” وخرج نوح عليه السلام ومن معه من السفينة، وبارك اللهم فيهم فكثروا وملأوا الأرض، ولبث نوح عليه السلام في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. ورد ذكر نوح عليه السلام في القرآن ثلاث وأربعين مرة.
* * *
هود عليه السلام
هو هود بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام ، وقيل غير ذلك، وقد أرسله الله تعالى إلى قوم عاد في أرض الأحقاف شمالي حضرموت، جنوبي الجزيرة العربية حيث نشأ بينهم، وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها، كما كان يفعل قوم نوح عليه السلام من قبل، وكان هود عليه السلام من أوسط قومه نسبا وأصبحهم وجها، فدعاهم إلى عبادة الله وحده، وألّا يظلم بعضهم بعضا، ولكنهم أبوا وعتوا وكذبوه وضربوه حتى أسالوا الدماء منه، وقالوا له: ’’إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ” وخفة عقل. فخرج من بينهم ودعا الله أن يبتليهم بالقحط والجدب، فأمسك الله عنهم المطر فهلك الحرث والأنعام، وبعد ذلك عاد إليهم يعظهم ويذكرهم لعل الله أن يرفع عنهم ما نزل بهم من البلاء، ولكن قلوبهم كانت كالحجارة أو أشد قسوة، وقالوا له في تحدٍّ وعناد: ’’فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا” فأرسل الله عليهم ريحا عاصفا، فلما رأوه قالوا: ’’هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا” فقال لهم هود عليه السلام ’’ بلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا” واستمرت الريح العقيم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فأهلكتهم وأبادتهم، وهذه هي قصة عاد. ورد اسم هود عليه السلام سبع مرات في القرآن الكريم؛ هود: 50، 58، 60، 89، والأعراف: 65، الشعراء: 124.
* * *
صالح عليه السلام
نبي الله صالح عليه السلام ، هو عبد الله ورسوله الذي بعثه إلى ثمود، وهي قبيلة مشهورة باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما (ثمود وجديس) من أبناء عامر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ، كانوا عربا من العاربة، يسكنون الحجر، بين الحجاز وتبوك، وكانوا يعبدون الأصنام، فدعاهم نبيهم صالح عليه السلام إلى عبادة الله وحده، فآمنت طائفة وكفرت طائفة، وقد عاش صالح عليه السلام بين قومه ينصح لهم فآذوه بالمقال والفعال، وهمّوا بقتلة، ثم إنهم طلبوا منه أن يخرج لهم من قلب الجبل ناقة لكي يصدقوا دعوته، فتوجه صالح عليه السلام إلى ربِّّه يدعوه أن يظهر للناس هذه المعجزة، فاستجاب له ربُّه، وخرجت هذه الناقة من الصخر شاهدة على قدرة الله تعالى، ولكنَّ فريقا من الكافرين قتلوا الناقة، فأنزل الله عليهم عقابه المهلك، ونجي صالح عليه السلام ومن معه من المسلمين.
ورد اسم نبي الله صالح عليه السلام تسع مرات في القرآن الكريم، الأعراف: 73، 75، 77، هود: 61، 62 ، 66، 89، الشعراء: 142، النمل: 45.
***
إبراهيم عليه السلام
هو خليل الله عليه السلام ، وأبو الأنبياء، لأن من ذريته أنبياء كثيرين، وُلد إبراهيم عليه السلام بأرض بابل بالعراق، وهو من سلالة سام بن نبي الله نوح عليه السلام ، وكان أهل بابل يعبدون الكواكب والأصنام، ويألّهون مَلِكَهم النمرود بن كنعان، وكان والد إبراهيم عليه السلام آزر ينحت الأصنام لقومه ويتولّى خدمتها، لكن إبراهيم عليه السلام نشأ سليم العقيدة، بعيدا عن الشرك، وقد آتاه الله رشده فمقت الأصنام، وحارب عبادتها، ودعا إلى نبذها، وإلى عبادة الله الواحد الأحد، وبيّن لقومه أنها لا تنفع ولا تضر، فأبوا وأصرّوا على ضلالهم، فانتهز إبراهيم عليه السلام فرصة عيد لهم، خرجوا فيه للتنـزّه فدخل إلى أوثانهم فحطّمها، فأمر الملك بحرقه، فرموه في النار، لكن الله عز وجل جعل عليه النار بردا وسلاما، ثم رحل وزوجه سارة إلى الشام، ثم إلى مصر، فأراد فرعون مصر الاستحواذ والاعتداء على زوجه فصانها الله جل وعلا منه، فأطلق سراحها وأهدى إليها جارية اسمها هاجر لخدمتها، ثم عاد إبراهيم عليه السلام بهما إلى فلسطين، ولما كبر إبراهيم عليه السلام ، ولم يُرزق الولد من زوجته ساره وهبته جاريتها هاجر فأنجبت له ولده إسماعيل عليه السلام ، وأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يرحل إلى مكة بإسماعيل عليه السلام وأمه، حيث موضع البيت الحرام، فكان من قصة زمزم ما كان.
وقد زار إبراهيم عليه السلام مكة مرتين بعد ذلك، في المرة الثانية أمره الله ببناء البيت، وساعده إسماعيل عليهما السلام في بنائها، ورزق الله تعالى إبراهيم وزوجه سارة بعد أن شاخا ولدهما إسحاق عليه السلام وبشّرهما بولده يعقوب عليه السلام. ورد ذكر نبي الله إبراهيم في القرآن الكريم تسع وستين مرة.
* * *
إسماعيل عليه السلام
نبي الله إسماعيل عليه السلام هو الابن الأكبر لنبي الله إبراهيم عليه السلام ، وأمه هاجر، ذهب به إبراهيم عليه السلام كما تقدم في الكلام عن إبراهيم عليه السلام إلى مكة، فعاش فيها وكبر، وتزوج من قبيلة جرهم، وكان أبوه عليه السلام يتردد على زيارته من حين لآخر؛ لحبه الشديد له، وكان إسماعيل عليه السلام بارّا بأبيه أشد البرّ، وفي إحدى الليالي رأي إبراهيم عليه السلام في منامه أنه يذبحه، ولما كانت رؤيا الأنبياء حق؛ امتثل إبراهيم وولده، لأمر الله تعالى، وكان من قصتهما ما كان، وفدى الله تعالى الذبيح عليه السلام بكبش، وفي إحدى الزيارات له أمره الله تعالى ببناء الكعبة، فقام إبراهيم وإسماعيل ببنائها، ومن ذرية إسماعيل عليه السلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ورد ذكر إسماعيل عليه السلام في القرآن اثنتي عشرة مرة في القرآن الكريم.
* * *
إسحاق عليه السلام
إسحاق عليه السلام هو الابن الثاني لنبي الله إبراهيم عليه السلام خليل الله، بعد ميلاد أخيه إسماعيل عليه السلام ، وُلد إسحاق وأبوه شيخ في المائة من عمره، وأمه السيّدة سارة، وكانت في التسعين من عمرها! وكانت تعجب من أمر الله أن تلد وهي عجوز عاقر، ولما بلغ إسحاق الأربعين: تزوّج من رفقا بنت عمه وكانت هي الأخرى عاقرا، فدعا إسحاق ربه أن يرزقه الذرية، فحملت زوجته وولدت غلامين توأمين، جاء أولهما (عيصو) وهو الذي تسميه العرب (العيص) ونزل الثاني آخذ بعقب أخيه، فسُمى (يعقوب) وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه بنو إسرائيل، وهو والد رسول الله يوسف عليه السلام ، وكان (عيصو) آثرا عند أمه بينما كان (يعقوب) أحبّ إلى أبيه، مات إسحاق عند مائة وثمانين عاما، وقد عَمِي في أواخر أيامه ودُفن مع والده إبراهيم الخليل في المغارة التي كانت له. ورد اسم إسحاق سبع عشرة مرة في كتاب الله تعالى.

يعقوب عليه السلام
بَعَث اللهُ سبحانه وتعالى إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام نبيا ورسول بالأرض المقدسة، فأقام بها ثمانين عاما، ورُزق على الكبر غلامين توأمين هما: عيصو ويعقوب، وكان يعقوب أثيرا ومحبوبا عند أمه، وحدث أن دعا إسحاق لابنه يعقوب بالبركة وهو يظنه عيصو، لأنه كان كفيف البصر، فحقد عيصو على أخيه وأراد به شرا، فخشيت أمه أن يبطش به فأشارت إليه أن يرحل إلى خاله، فذهب إليه وأقام عنده يخدمه نظير تزويجه بابنته (راحيل) ولكن خاله أدخله على ابنته (ليئة) التي لا يريدها يعقوب، فكلم خاله في ذلك، فقال له: اخدمني عشر سنين أخرى لأزوّجك راحيل، ففعل وتزوّج بها، ثم تزوّج من جاريتهما زلفى ويلها، ومنهن كان أولاده، ما عدا يوسف وبنيامين، فكانا من أمهما راحيل، وستأتي قصة يعقوب مع قصة ابنه يوسف عليهما السلام.
ويعقوب عليه السلام هو إسرائيل وأصله بالعبرية: يسرائيل، ومعناه: المدافع عن الله، وهو تركيب عبراني، وهو ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وبنو إسرائيل: هم أبناء يعقوب وذريتهم، والاسم يطلق بصفة عامة على قوم موسى عليه السلام، وهم اليهود أو العبرانيون، وقد سُمّوا بالعبرانيين لأنهم عبروا نهر الأردن في إحدى تنقلاتهم القديمة، وكانوا يعيشون عيشة البداوة قبل استقرارهم في أرض كنعان، ورد ذكر يعقوب عليه السلام ست عشرة مرة في القرآن الكريم، وورد لفظ إسرائيل في القرآن ثلاث وأربعين مرة.
* * *
يوسف عليه السلام
هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، وكان يوسف وشقيقه بنيامين في حجر أبيهما يعقوب بعد موت أمهما راحيل، ولذا كان شديد العطف عليهما، فأثار ذلك غيرة أخوته لأبيه، وقد بُعث يوسف وآتاه الله النبوة وهو بمصر بعد أن دخلها صغيرا مع القافلة التي أخرجته من الجُبّ حيث ألقاه أخوته كيدا وحسدا، وقد باعته هذه القافلة لعزيز مصر، فنشأ يوسف في بيته، ويقال إنه فوطيفار رئيس شرطة مدينة صان، قرب بحيرة المنزلة، وكان ملك مصر وقتئذ من العمالقة الذين وفدوا على مصر قبل بعثة إبراهيم عليه السلام بها، وقد قصّت سورة يوسف ما جرى له، وهو ناشيء يكيد له أخوته، ثم وهو سجين، وقد أظهر الله سبحانه طهارته وبراءته، وأخيرا وهو رسول يبلغ رسالة ربه، ومدبر لأمور مصر يتولّى التّصرّف في مواردها وخزائنها، وقد أجبرت المجاعة التي انتشرت بين سكان الأقطار المجاورة لمصر أن يقصدوها للتموّن منها، وقد جاء إخوة يوسف عليه السلام مع مَنْ وفَد على مصر لشراء الغِلال، فعرفهم يوسف عليه السلام وطلب إليهم إحضار أبيهم، ثم إنه عفا عن إساءتهم له، وبعد ذلك جاء يعقوب عليه السلام وآله، وسكنوا مصر وعاشوا بها يعملون في خدمة فرعون وقومه، ولم يخرجوا منها إلا في عهد موسى عليه السلام إلى أرض سيناء، وَرَد ذكر يوسف عليه السلام سبع وعشرين مرة في القرآن الكريم.
* * *
شُعَيب عليه السلام
قيل في نسبه أنه ابن ميكيل بن يشجن، أو أنه ابن يشخر بن لاوي بن يعقوب، وقيل غير ذلك، ويقال أن أمه بنت لوط عليه السلام ، وقد آمن شعيب بإبراهيم عليه السلام ، وهاجر معه بعد نجاته من النار إلى الشام، وقد بعثه الله سبحانه إلى أهل مدين، وهم من سلالة إبراهيم عليه السلام ، وكانوا يسكنون قريبا من معان بأطراف الشام (بالأردن الآن) وهم أصحاب الأيكة، وهي شجرة أيك في بقعة كثيرة من الأشجار بين ساحل البحر الأحمر ومدين. وقيل أنه بعث لأهل مدين ولأصحاب الأيكة، وأصحاب هذا القول يرون أن أهل مدين غير أصحاب الأيكة ولكن الأكثر على أنهم واحد. أخذ شعيب يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك ما كانوا عليه من الإفساد في الأرض وتطفيف الكيل والميزان والابتعاد عن المنكر ولكنهم عصو فأهلكهم الله بظلمهم. قال السدي وعكرمة أن شعيبا أُرسل إلى أمتين، أهل مدين الذين أهلكوا بالصيحة، وأصحاب الأيكة الذين أخذهم الله بعذاب يوم الظلة، وأنه لم يبعث نبي مرتين إلا شعيب عليه السلام ، واختار ابن كثير أنهما أمة واحدة. كان من صفات نبي الله شعيب عليه السلام أنه كثير الصلاة، وأنه حليم رشيد يحسن الخطابة، حتى عُرف بخطيب الأنبياء، وكان غاية في التلطّف في دعوته مع قومه عليه السلام. ورد ذكر شعيب عليه السلام إحدى عشرة مرة في القرآن.
* * *
أيوب عليه السلام
أيوب عليه السلام نبي من ذرية إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، كان يعيش ببلاد الروم، وقيل في بلاد آدوم الواقعة في شمال خليج العقبة ببلاد الشام، وهو مضرب الأمثال في الصبر، ويصوّر لنا القرآن الكريم ابتلاء أيوب بالضر الذي أصابه بالأذى في جسده وماله وأهله، وأن الشيطان وسوس له كثيرا ليفتنه، وينال من إيمانه بعد أن فقد أولاده، وزالت نعمته، ولكنه كان مثالا للصبر الجميل والإيمان الراسخ، حتى قال الله تعالى عنه في كتابه: (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب) وكان أيوب عليه السلام قد حلف أن يضرب زوجته بعد أن يشفيه الله من مرضه لشيء حدث بينهما، فلما أذن الله تعالى بشفائه قال له ربه: (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) فلما ضرب الأرض برجله تفجّرت العين واغتسل بمائها، وشرب منها فبرئ من مرضه، فقال الله تعالى له: (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) أي خذ حزمة من الحشيش عدد عيدانها مائة عود واضرب بها زوجتك حتى تبرّ بقسمك، ثم أعاد الله تعالى إليه ما ذهب عنه من مال وولد. ورد اسم أيوب عليه السلام أربع مرات في كتاب الله تعالى في سورة النساء الآية: 163، وفي سورة الأنعام: 84، وفي سورة الأنبياء الآية: 83، وفي سورة ص الآية: 41.
* * *
ذو الكفل عليه السلام
يرى جمهور العلماء أن ذا الكفل عليه السلام كان عبدا صالحا من بني إسرائيل ولم يكن نبيا، وقد وردت في شأنه أحاديث في صحيح الترمذي وغيره، منها ما يذكر أنه كان عاصيا لا يتورع من ذنب عمله، ثم تاب توبة نصوحا، ومات بعد توبته في ليلته فغفر الله له، ومنها ما يذكر أنه كان خلفا لنبي الله اليسع عليه السلام في بني إسرائيل حين كبرت سنه، ومنها ما يذكر أنه هو ذكريا عليه السلام بكفالته لمريم، إلى غير ذلك من الأقوال، والقول الأول أولى بالصواب فيما نرى والله أعلم. ورد الاسم مرتين، الأنبياء: 85، ص: 48.
* * *
موسى عليه السلام
موسى بن عمران عليه السلام من رسل الله الكرام أولي العزم، ولد من نسل لاوي سبط يعقوب عليه السلام، وكانت ولادته بمصر وتربى في قصر فرعون حتى شبّ وكبر وأصبح يشار إليه كما كان شأن يوسف عليه السلام من قبل، ولكنه اضطر إلى ترك وطنه مصر فرارا من وجه فرعون لما اشتدت إساءته لبني إسرائيل، وذهب إلى أرض مدين، حيث عاش هناك أجيرا لشيخ كبير (يرى البعض أنه شعيب عليه السلام) يرعى غنمه، ويقوم على خدمته عشر سنوات، فزوَّجه إحدى ابنته، ورضي موسى بهذه الحياة على ما فيها من تعب وشظف، وفضلها على الحياة المترفة في ظل فرعون، الذي طغى وفرض نفسه إلها يعبده الناس من دون الله تعالى. وبعد أن أتم موسى عليه السلام الأجل المتعاقد عليه في خدمة الشيخ عاد إلى وطنه مصر، وفي أثناء سَيره إليها ضل الطريق في طور سيناء ووقف حائرا لا يدري أين يتوجه حتى أبصر من الجهة التي تلي جبل الطور نارا، فيمّم نحوها، وهناك في تلك البقعة المباركة نُودي يا موسى: ’’إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي” فكان ذلك بدء نبوته عليه السلام وفاتحة رسالته، وأمره ربه سبحانه أن يذهب إلى فرعون ليهديه إلى عبادة ربه الأعلى، فطلب موسى من ربه أن يؤيده بأخيه هارون؛ لأنه كان أفصح منه لسانا، وقد أعطاه ربه من البراهين على صدق دعوته معجزتين، إحدهما في عصاه، والأخرى في يده. وقد جاهد موسى عليه السلام في تبليغ دعوته ونشر رسالته ولكن فرعون لم يؤمن بعد أن راى من آيات ربه الكبرى ما جعل الناس والسحرة يؤمنون، فتوعدهم فرعون بالعذاب، فقالوا له: ’’قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى” وقد سلط الله على فرعون ومن تبعه من قومه الطوفان والجراد القمل والضفادع والدم، وكانت آيات تدل على صدق موسى عليه السلام ، فتوسّلوا إليه أن يدعو ربه ليكشف عنهم البلاء، فلما كشف الله عنهم البلاء رجعوا إلى ضلالهم، وعندئذ أمر الله موسى أن ينادي بني إسرائيل بالرحيل عن مصر فارتحلوا، فلما سمع فرعون برحيلهم وكانوا من خيرة الفلاحين والصُنّاع تعقّبهم بجنوده، فلما وصل موسى عليه السلام إلى خليج السويس أوحى إليه ربه أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق وصار فيه اثنا عشر طريقا، فسار موسى فيها أمامهم وهارون من خلفهم وبلغ فرعون وجنوده البحر ورأوا تلك الطرق، وبدأوا السير فيها فأطبق عليهم الماء وأغرقهم، ولما أدرك فرعون الغرق: ’’قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ” ولكن هيهات، وأنجى الله بدنه ليكون عبرة لمن يعتبر من المشركين والكافرين. وقد ذكر القرآن الكريم لموسى عدة قصص دخوله الأرض المقدسة وقصته ولادته، وغير ذلك من القصص. ورد اسم موسى عليه السلام مائة وست وثلاثين مرة في القرآن.

هارون عليه السلام
كان هارون أخا لموسى عليهما السلام، وقد شد الله به أزره، لأنه كان أفصح لسانا من موسى عليه السلام ، وتأتي قصته في القرآن في سياق وقائع موسى مع بني إسرائيل لما واعد موسى قومه ثلاثين ليلة لميقات ربه سبحانه وتعالى، وزاده الله عشر ليال فصارت أربعين ليلة، وجعل موسى أخاه هارون عليه السلام خليفة له في قومه وقت غيابه عنهم، فلما لم يرجع موسى إلى قومه بعد ثلاثين ليلة حلّت الفتنة بين بني إسرائيل إذا كان في صفوفهم السامري وهو من عظمائهم من بلدة السامرة، وعاش معهم في مصر، وكان منافقا، فقال لمن مع هارون من القوم: إن موسى لن يرجع إلينا بعد أن تم الميقات. وصنع لهم من الحُلي الذهبية – التي أخذوها من أهل مصر باسم الاستعارة – عجلا جسدا له خوار، وقال لهم: هذا ربكم. فعكف على عبادته أغلب اليهود، فنهاهم هارون عن ذلك، وقال لهم: ’’إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي” فقالوا له: ’’لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى” فلما رجع إليهم موسى عليه السلام اشتد غضه، وسقطت الألواح التي جاءهم بها، وهي ألواح التوراة فأنكسرت، وأخذ برأس أخيه هارون ولحيته يؤنّبه، ولما أدرك بنو إسرائيل أنهم فُتنوا وضلوا ندموا على ما فعلوا واستغفروا ربهم. ورد اسم هارون عليه السلام عشرين مرة في القرآن.
* * *

داود عليه السلام
ظل بنو إسرائيل بعد نبيهم موسى عليه السلام مدة ثلاثمائة وست وخمسين سنة ليس لهم ملك يحكمهم، وفي خلال هذه المدة كانوا عرضة لغزوات جيرانهم من العمالقة والآراميين والفلسطينيين، وفي نهاية هذه المدة حكمهم (طالوت) ودخل في حرب ضد الفلسطينيين الذين هم من ضمن الأجناس البحرية التي جاءت من بحر إيجة وسيطروا على الإقليم الساحلي واستطاعوا أن يهزموا العبرانيين، وأن يستقروا في بعض معاقلهم وحصونهم في المناطق الجبلية الداخلية وتمكنوا من الاستيلاء على تابوت العهد منهم، وفي تلك الأثناء ظهر في بني إسرائيل شاب متحمس لقتال أعداء قومه، وهو داود، واستطاع على حداثته أن يقتل جالوت أشجع إبطال الأعداء، فكافأه طالوت زعيم العبرانيين بأن زوّجه ابنته، ودخل داود في معارك أخرى خرج فيها منتصرا، فزاد أعجاب قومه به وطلبوا زعامته بدلا من طالوت الذي فكر في التخلص منه بالغدر، ولكن الله أيّد داود بنصره وآتاه الملك والنبوة، وقد أتخذ القدس عاصمة لملكة الذي اتسع إلى درجة كبيرة، وأنزل الله تعالى عليه الزبور، وهو عبارة عن مجموعة من القصائد والأناشيد تتضمن تسبيح الله تعالى وتحميده والثناء عليه، وكان داود عليه السلام يلحّنها ويرددها بصوته الجميل، فتأخذ بمجامع القلوب وأتت الجبال والطيور ترد تسابيحه التي عُرفت بالمزامير، وقد علمه ربه كيف يصهر الحديد ويلينه ويصنع منه دروعا يلبسها وقت الحرب، وقد رُزق داود بولده سليمان، فكان معه في مجلس القضاء يعلّمه كيف يحكم بين الناس وهو شاب في الثامنة عشرة. ورد اسم داود ست عشرة مرة في القرآن الكريم.

سليمان عليه السلام
نبي من أنبياء الله تعالى، وملك من ملوك بني إسرائيل، خلف أباه داود عليه السلام الذي أشركه معه منذ صغره في الحكم والقضاء، وقد ظهرت مواهب سليمان عليه السلام ورجاحة عقله، ولما كبر أتاه الله النبوة، واتسع ملكه، وتوافرت له أسباب العظمة ومظاهر الأبهة، وقد خصّه الله سبحانه بخصوصيات خارقة للعادة، فقد علّمه منطق الطير، وسخّر له الريح، كما سخر له الجن تقضي حاجاته، وتصنع له العجائب، وقد أتم سليمان بناء هيكل أورشليم الذي وضع أساسه أبوه، ويعتبر عصر نبي الله سليمان عليه السلام عصر الخوارق والعجائب، وفي القرآن الكريم قصص تشير إلى ذلك، منها: قصة الهدهد وملكة سبأ، وقصة وادي النمل وقصة موته، وقد لُقب سليمان عليه السلام بالحكيم. ورد اسم سليمان سبع عشرة مرة في القرآن.

إلياس عليه السلام
نبي من أنبياء بني إسرائيل، من نسل هارون عليه السلام ، أرسله الله تبارك وتعالى إلى قومه بني إسرائيل، ويرى بعض المفسرين أنه هو ذو الكفل، وإل ياسين (إلياسين) نبي أيضا، أو أنه جمع للفظ إلياس، وقد ورد ذكر إلياس في التوراة باسم إيليا، وكان قومه يعبدون صنما يقال له بعل، وقيل إنهم كانوا في بعلبك بالشام، ولكنهم كذبوا وعصوا، فأراهم الله العذاب الأليم. وقد ورد ذكر إلياس في القرآن الكريم ثلاث مرات؛ في سورة الأنعام: 85، سورة الصافات: 123، 130.
اليسع عليه السلام
نبي الله في بني إسرائيل، وهو من ذرية إبراهيم عليه السلام ، ولم يُعلم أنه أُنزل عليه كتاب سماوي، بل كان يعمل بصحف إبراهيم وبالتوراة، وقيل: إن إلياس استخلفه على بني إسرائيل. ورد ذكر إليسع عليه السلام مرتين في القرآن؛ الأنعام: 86، (ص): 48.

يونس عليه السلام
نبي الله يونس عليه السلام من المرسلين، يونس بن متّى، ويُعرف عند أهل الكتاب باسم (يونان ابن أمتاي) أرسله ربه إلى قوم ليسوا من عشيرته لهدايتهم، ويقول بعض المفسرين: إنهم أهل نينوى، ولما يئس من هدايتهم وظن أن الله لا يلزمه بالبقاء معهم والصبر على إيذائهم وعنادهم تركهم هربا، ولم ينتظر أمر الله بمفارقتهم ثم إنه أوى إلى سفينة مشحونة بالمسافرين وركب معهم، ولكن السفينة اضطربت وكادت تغرق حتى اضطر رُكّابها أن يقترعوا على من يُلقى في البحر منهم، فخرجت القرعة على يونس وألقوه في اليم، فالتقطه حوت عظيم، وشاء الله أن يمكث يونس في بطنه يسبّح ويستغفر إلى أن نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين، فكبرت حتى ظللته، فلما ذوت ومات حزن عليها يونس وهي لا قيمة لها، وقال له ربه: لقد أشفقت على يقطينة، أفلا أشفقت على أهل قرية فيها أكثر من مائة ألف لإنقاذهم من الضلال، ثم أرسله إليهم فأمنوا به. ورد اسم يونس عليه السلام أربع مرات في القرآن الكريم النساء: 162، الأنعام: 86، يونس: 98، الصافات: 139. وهو أيضا ذو النون أي: صاحب الحوت، وسُمي بذلك لابتلاع الحوت له ثم إخراجه من جوفه. ورد ذكر ذي النون مرة واحدة في القرآن، الأنبياء: 87.

زكريا عليه السلام
نبي من أنبياء بني إسرائيل، وهو من ذرية إبراهيم خليل الله عليه السلام ، وهو والد نبي الله يحيى عليه السلام ، وزوج خالة مريم، وقد ذكره الله في قصة امرأة عمران والدة مريم، لما نذرتها لخدمة بيت المقدس، وجاءت بها خُدّامه، فكل واحد منهم أراد أن يكفلها، وألقوا القرعة على ذلك، فكانت من نصيب زكريا عليه السلام ، فقام بأمرها وهو زوج خالتها، فبنى لها غرفة في المحراب أسكنها فيها، وكان كلما دخل غرفتها وجد عندها رزقا من ثمرات غير معهودة في وقتها، فيسألها عنه فتقول: هو من عند الله. وكان زكريا يعلم أن مواليه وبني عمومته أشرار لا يعملون بالشريعة، لذلك تاقت نفسه أن يكون له ولد صالح يخلفه، فدعا ربه ألا يذره فردا، فاستجاب الله له، وبشرته الملائكة بولده يحيى، وكاد لا يصدق؛ لأنه تجاوز التسعين وامرأته عاقر، فسأل ربه أن يجعل له آية، فقال له ربه آيتك أن يعجز لسانك عن النطق مع الناس ثلاثة أيام، ويكون كلامك معهم بالرمز والإشارة، وقد شبّ يحيى وترعرع وكان خير خليفة لأبيه. ورد اسم زكريا سبع مرات في القرآن الكريم.

يحيى عليه السلام
هو يحيى بن زكريا عليهما السلام، وكان زكريا قد بلغ من الكِبَر عِتيّا؛ أي بلغ بسبب كبر سنه حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها، وهي اليبس والصلابة في العظام، وكانت امرأته عاقرا، وخشى على قومه بني إسرائيل أن يبتلوا بحكم مواليه من بعدهم وهم لا يعملون بالشريعة ولا يتمسكون بها، فدعا ربه أن يرزقه ذرية طيبة، فنادته الملائكة أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين، وحملت زوجته بيحيى، ولما شبّ نشأ على أكمل أوصاف التقي والصلاح، وصار نبيا في سن الثلاثين من عمره، وكان يدعو النسا إلى التوبة من الذنوب، وكان يعمدهم، أي يغسلهم في نهر الأردن تطهيرا لهم من خطاياهم، وقد اعتمد منه المسيح، ولذا فهو يسمى (يوحنا المعمدان)، وقد مات يحيى عليه السلام مقتولا بيد حاكم فلسطين الذي كان يريد الزواج من ابنة أخيه فعارضه يحيى عليه السلام في ذلك، فقتله. ذكر اسم يحيى عليه السلام خمس مرات في كتاب الله تعالى.

* * *
عيسى عليه السلام
هو عبد الله ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم وروح منه، ولا غرابة في خلق عيسى عليه السلام بغير أب، لأن الله قادر على كل شيء، خلق آدم من تراب، وعيسى عليه السلام هو آخر الأنبياء قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو آخر أنبياء الله ورسله من بني إسرائيل، ولدته أُمه مريم بنت عمران في بيت لحم بفلسطين، على عهد إمبراطور الرومان (أوغسطس) قيصر، وكان الحاكم على بلاد سورية من قِبَله وقتئذ الطاغية (هيرودس) وعاش عيسى عليه السلام معظم أيام حياته في بلدة الناصرة، وقد علّمه ربه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وكان وهو غلام صغير يحضر مجالس الأحبار والرهبان من علماء اليهود، ويحاورهم ويناظرهم، فيتغلّب عليهم ويفحمهم، وقد رحلت به أمه مع قريبها يوسف النجار إلى مصر، خوفا عليه من بطش الحاكم هيرودس الذي كان يخشى على سلطته من أن ينازعه فيها منازع، فقتل الأبرياء من شعبه وأبنائه لمجرد الشك أو الوشاية، ولما مات هيرودس عاد عيسى عليه السلام مع أمه ويوسف النجار إلى وطنه، حيث قضى بعض وقته يعمل في النجارة مع قريبه هذا، ويصرف معظم تفكيره في ملكوت الله جل وعلا، واكتساب العلم من العمل والتأمل في الكون وقراءة التوراة ولما بلغ الثلاثين نزل عليه جبريل بالوحي، وبدأ بتبليغ رسالته إلى قومه بني إسرائيل، وقد أيّده ربه بالمعجزات الباهرة، من أحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وقد ناصبه أحبار اليهود العداء ولما رأوا في دعوته من الآيات البينات ما سوف يقضي على نفوذهم، ويذهب بالأموال التي يجمعونها بالباطل، فوشوا به وسعوا في قتله والتخلص منه، ومن دعوته، ودبّروا مكيدتهم للقضاء عليه، ولكن الله أحبط تدبيرهم برفعه إلى محل كرامته، وإلقاء شَبَهه على من خانه من إتباعه وهو يهوذا، فقتلوه، والحقيقة في نهاية عيسى عليه السلام أنه لم يُقتل ولم يُصلب، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز، والقول بأن عيسى صُلب كفر صريح في نظر الإسلام، لأن الله توفّاه ورفعه إلى السماء كما حدّث القرآن الكريم، والله اعلم بحقيقة ذلك، وكان رفعه إلى السماء، وهو في سن الثالثة والثلاثين، أي أن رسالته عليه السلام لم تدم غير ثلاث سنوات أنزل الله تعالى خلالها الإنجيل. ورد ذكر عيسى باسمه خمس وعشرين مرة في القرآن.
وقد لقب عيسى عليه السلام بالمسيح، وقد سمى عيسى بالمسيح لأنه ممسوح بالدهن ليكون مباركا، أو لأنه كان يمسح على الأكمه والأبرص فيبرآن. ورد ذكر المسيح عليه السلام بهذا الاسم إحدى عشرة مرة في القرآن، فيكون جملة ذكره في القرآن ست وثلاثين مرة.
* * *

محمـــــد صلى الله عليه وسلم
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العربي صلى الله عليه وسلم، من نسل إسماعيل من إبراهيم عليهما السلام، وأُمه آمنة بنت وهب، من بني زهرة القرشية، ولد في مكة المكرّمة بجوار بيت الله الحرام، وقد مات أبوه عبد الله وهو في بطن أُمه، فنشأ يتيما في رعاية جدّه عبد المطلب، وكانت رضاعته صلى الله عليه وسلم في بني سعد، ووقعت حادثة شق صدره صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة، وتوفيت أُمه وهو ابن ست سنين، ثم لما بلغ ثماني سنين مات جدّه عبد المطلب وتولّاه عمّه أبو طالب، وكان شديد الحبّ له أيضا، وعُرف في شبابه بين الناس بالصادق الأمين، ولما بلغ أربعين سنة أنزل الله عليه الوحي، وجاءه جبريل عليه السلام في غار حراء بأول الرسالة وأول القرآن الكريم وهو بداية سورة العلق، فآمنت به خديجة رضي اللعنها وجماعة من العقلاء كأبي بكر، وعاداه قومه وعاندوه، وعذبوا جماعة من أتباعه، والرسول صلى الله عليه وسلم صابر محتسب، يأمر أصحابه بالصبر والتحمّل، وعاداه على وجه الخصوص أبو جهل وعمّه أبو لهب وزوجه، فأمر بعض أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، عند النجاشي وكان رجلا عادلا، ثم اشتد عداء قومه له وقاطعوه ومن معه في شِعْب أبي طالب، وكتبوا عهدا في صحيفة ظالمة جعلوها في جوف الكعبة، ثم مات عمّه وماتت زوجه خديجة واشتد حزنه صلى الله عليه وسلم، فأكرمه الله تعالى بالإسراء إلى المسجد الأقصى والمعراج إلى السموات العُلا، فعُرج به إلى السماء السابعة، ثم شاء الله تعالى أن تنتقل دولة الإسلام الناشئة من مكة إلى المدينة، فكانت بعض المقدمات لتلك الهجرة، وتهيأ ذلك ببيعة العقبة، وتمت الهجرة، وكان أول ما فعل صلى الله عليه وسلم بناء المسجد، وآخى بين المهاجرين معه والأنصار الذين هم أصحاب المدينة، وكان ذلك بداية المجتمع المسلم، ولكن أهل مكة لم يتركوه ومن معه فكانت بينهم وبين المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم عِدّة غزوات وحروب، منها غزوة بدر وأحد والخندق، كما كان بينه وبين يهود المدينة عِدّة غزوات، كغزوة بني قريظة، ثم لما أراد والصحابة زيارة بيت الله الحرام منعه أهل مكة ورجع إلى المدينة بعد أن أبرم معهم صُلح الحديبية، وأكرمه الله بفتح خيبر واستغل تلك الفترة التي بعد صلح الحديبية فراسل الملوك، ووقعت غزوة مؤته، وأكرمه الله بفتح مكة فدخلها وأصحابه وطافوا ببيت الله الحرام الذي طال شوقه إليه والصحابه، ثم كانت غزوة حُنين والطائف، وكانت غزوة تبوك هي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم، وبعدها جاءت الوفود وخرج للحجّ، فحجّ بيت الله الحرام، تم توفّاه الله تعالى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. ورد اسمه في القرآن الكريم (محمد) أربع مرات في القرآن الكريم؛ آل عمران: 144، الأحزاب: 40، محمد: 2، الفتح: 29، وورد اسم (أحمد) مرة واحدة في القرآن الكريم؛ الصف: 6.
وبعد…
فقد انتهى الكلام المقصود في سيرة الأنبياء والمرسلين المذكورين في القرآن الكريم، واللهَ أسأل أن يجعله نافعا لكاتبه وقارئه وناشره، أنه نعم المولى ونعم النصير.
فصلى اللهم عليهم جميعا، وعلى نبينا وأصحابه وآله وسلّم تسليما كثيرا
ربيع عبد الرءوف الزواوي

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon