إذا ركعت وإذا سجدت
بقلم/ ربيع عبد الرؤوف الزواوي
إذا ركعت في صلاتك وأنت وحدك…
منفردا بعيدا عن أعين الخلق…
فأطل الركوع…
وتأمل وأنت فيه – مسبحا باسم ربك العظيم – في هيئتك وصورتك…
وفي نظر الله إليك وأنت راكع…
واطلاعه عليك ومراقبته لك…
وحاول أن تجمع وتربط بين هذه الهيئة وحال قلبك…
فهيئة الركوع مذلة وخضوع وتعظيم لله…
فهل قلبك كذلك وقتئذ؟…
حاول ثم حاول ثم حاول ولا تمل…
مهما فشلت فعد محاولا ذلك…
فهو تعالى كريم؛ حاشاه أن يطرد لاجئا…
واعط فرصة لأعصابك المنهكة وأنت في ركوعك هذا أن تأخذ حظها…
أعصاب جسمك الخلفية، من قدميك حتى قفاك في حاجة ملحة لهذا الركوع…
فاعطها حظها وحقها فيه…
وارفع منه بهدوء وبطء…
ففي الرفع منه بهدوء وبطء أوفر حظ لها ونصيب…
في عام 2005 زارني زائر من إحدى الدول العربية وهو من أعيان الناس وأثريائهم، وكنت وقتها أعاني من آلام بأسفل الظهر… فقال لي: أنا سافرت من عدة سنوات إلى ألمانيا لذات الشكوى… فقال لي الطبيب الألماني: أنتم مسلمون… وعندكم أنتم المسلمون هذه الهيئة في صلاتكم. وركع أمامي… أنصحك بعملها كل يوم 5 دقائق على الأقل…
وإذا سجدت في صلاتك وأنت وحدك…
منفردا بعيدا عن أعين الخلق…
فأطل السجود…
وتأمل وأنت فيه – مسبحا باسم ربك الأعلى – في هيئتك وصورتك…
وفي نظر الله إليك وأنت ساجد…
واطلاعه عليك ومراقبته لك…
وحاول أن تجمع وتربط بين هذه الهيئة وحال قلبك…
فهيئة السجود أبلغ هيئة وتعبير عن المذلة والخضوع وتعظيم لله الأعلى…
فهل قلبك كذلك وقتئذ؟…
حاول ثم حاول ثم حاول ولا تمل…
مهما فشلت فعد محاولا ذلك…
فهو تعالى كريم؛ حاشاه أن يطرد لاجئا…
واجتهد فيه بالدعاء والرجاء…
وقل لربك حكايتك…
وانقل إليه شكايتك…
فهو سبحانه يحب الدعاء…
ويقبل الرجاء…
واعط فرصة للدماء التي يضخها قلبك لكل أطراف جسمك منذ خلقك الله أن تصل للشعيرات الدقيقة في مخك ودماغك…
طوال اليوم ومعظم وقت ورأسك لأعلى…
وانت بحاجة أن تضعه وقتا من يومك للواحد الأعلى…
وبحاجة أيضا أن تفرغ تلك الشحنات الكهربية في الأرض…
فأوصل بالأرض أطرافك السبعة؛ أصابع قدميك وركبتاك وكفاك وجبهتك مع أنفك…
إي والله أنفك…
يا لها من هيئة! ويا له من جلال!…
منذ عدة سنوات… كنت يومها أحاضر في موضوع ضرورة تأمين الأجهزة الإلكترونية الدقيقة كرقائق الذاكرة الـ(رام) بالحواسيب وأجهزة الاتصال من تأثير الكهربية الساكنة في أجسامنا عليها… وضرورة لبس المعصم المخصص لذلك…
فاجأني – يومها – مهندس كهربا ماهر جدا وحاذق بقوله: ياه… نفسي من زمان أفرغ شحنة نافوخي بسجود طويل عالأرض بدون فرش بجد… وأطول وأطول…
تذكر أن بعض المشركين رفض الدخول في الإسلام بسبب الركوع والسجود…
أنفة وكبرياء وتعجرفا…
تذكر المتكبرين المتعالين على الخلق…
تذكر المتعالين أصحاب النظارات السوداء الذين لا يحبون نظر الناس في عيونهم…
تذكر كل أنواع المتعالين المحرومين من التواضع وخفض الجناح…
المحرومين من إدراك كنه وسر هذا السجود…
تذكر المحرومين من هيئة الركوع والسجود بسبب المرض…
وتعرف على نعمة ربك عليك…
أتذكر في بداية شبابي وفي بداية حياتي العلمية أني قرأت كلاما لابن القيم رحمه الله يقول ما معناه أن كل ما قبل السجود من أعمال الصلاة تهيئة وتحضير له…
وهو كلام نفيس يصب في ما نقول هنا…
تذكر أننا سنسجد في الآخرة أمام الله جل جلاله…
سيدعو الله جل جلاله الناس جميعا للسجود…
سيسجد وقتها كل من كان يسجد له هنا في الدنيا…
إلا من حرم نعمة السجود هنا في الدنيا…
لن يستطيع وقتها أن يسجد…
ستتجمد أطرافه وتأبى عليه…
فقد حرمها في الدنيا من السجود لخالقها وباريها…
قال الله تعالى: ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون)…
اللهم إنا نعوذ بك من ذلك…
اللهم إنا نعوذ بك من حال أهل النار…
يا رب أعنا هنا…
يا رب وفقنا هنا…
لنقدر هناك…
ورحم الله عبدا قال من صميم قلبه: آمين.