فلا تزكوا أنفسكم

فلا تزكوا أنفسكم

اقرأ معي بقلبك:
(… فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ)…
يا الله!…

أمعن فيها النظر، وقلّب فيها الفِكر، وتأملها بوعي…

ببساطة؛ لا تتعب نفسك في مدح نفسك والثناء عليها…
ببساطة؛ نفسك التي بين جنبيك؛ أنت لا تعرف حقيقتها…
فماذا إذا يتبقى لنا من أنفسنا بعد هذا الكلام يا سادة؟!…

نحن – يا سادة – لا نعلم حقيقة أنفسنا…
نحن لا نملك لأنفسنا شيئا…
نحن لا نعرف النهاية؛ فالأعمال بالخواتيم…

نحن نحتاج للوقوف قليلا مع هذه الآية الكريمة…
أخي: لا تزكي نفسك (يعني لا تثن عليها ولا تمدحها)… لا تطمئن لما أنت عليه من خير ظاهر؛ فإنما هو فضل الله عليك ورحمته ليس إلا…

لا تتعب نفسك في مدح نفسك ولا الثناء عليها أمام الناس، ولا ترهق قلبك في تلمس رضى الناس، ولا تتعب نفسك في التماس المكانة لديهم…

ولا تغتر بثناء الناس عليك؛ فإنهم لا يعلمون الغيب، وإنما يثنون على ما تبدي لهم وتظهر من العمل، وأنت لا تدري يا مسكين أمقبول هو أم مردود عليك؟!…

بل ما هو أكثر من ذلك؛ لا تزك أحدا… لأنك لا تعلم ما النهاية، والأعمال بالخواتيم…

وها أنت قد رأيت من طار الناس بهم، ورفعوهم فوق أقدارهم واغتروا بهم… ثم هم أولاء يتساقطون واحد تلو الآخر…

فالأيام متقلبة، والفتن كاشفة، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء…

وهذا يستلزم منا الخوف، والعمل، والمجاهدة، ومراجعة النفس، ومراقبتها، والتنبه، والحذر…

الخوف: من سوء الخاتمة وانكشاف الحقيقة قبل الموت والعياذ بالله…

العمل: الدؤوب وفق مراد الله سبحانه وعلى هدي رسوله صلى الله عليه وسلم حتى الممات…

والمجاهدة: ومكابدة المشاق والقيام بأوامر الله وترك نواهيه مهما كان شاقا على النفس…

ومراجعة النفس: من حين لآخر، فإنها خداعة؛ تظهر لصاحبها ما ليس فيها أحيانا، وتبدي له أوهاما ملفقة، وزيفا مصطنعا، وباطلا في صورة حق…

ومراقبتها: على الدوام وتصحيح النية في كل الأعمال الصالحة… كل الأعمال…

والتنبه: لها؛ أي نفس هي؟ فإن بعض النفوس أمارة بالسوء…

والحذر: من استيفائها حظوظها من حطام الدنيا وحب الظهور والثناء عليها من الناس…

فلسنا يا سادة في حاجة لتزكية أنفسنا ولا الثناء عليها ولا ولا… ببساطة لأن الله (هو أعلم بمن اتقى)…

فيا لها من خاتمة للآية تريح النفوس وتهدئ القلوب وتسعد الأفئدة…

فالحمد لله جدا على نعمة أنه هو سبحانه أعلم بمن اتقى…

هذا جزء من آية كريمة من سورة النجم؛ التي كنا مررنا بها مرورا شاملا في مقال سابق… رابطه في أول تعليق…

وكان في النفس أن أتوقف مع حضراتكم عند هذا الجزء من هذه الآية الكريمة؛ وها هو قد وفق الله لذلك.

فاللهم نبهنا لما فيه خيرنا…
وألهمنا رشدنا…
وقنا شر أنفسنا…
واجعل اللهم سريرتنا خير من علانيتنا…

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon