نص الاستشارة: السلام عليكم كل ما أتقدم لخطوبة بنت ألاقيها هايفة ومخها لا يعجبني وطريقة تفكيرها.. هل أنا مخطئ؟ منصور – مصر.

نص الجواب: الأخ الفاضل منصور: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ما تذكره هذا يا سيدي هو الحصاد المُرّ كنتيجة حتمية لتدليل الآباء والأمهات لأولادهم، فيكبر الابن وتكبر البنت وهما غير مهتمين بما سيكون على عاتقيهما من مسئولية مستقبلا، والأدهى والأمر أن كثيرا من مشكلات الأبناء مع آبائهم عند تحليلها والتدقيق في البحث عن جذورها، تجدها في الأعم الأغلب بسبب الإفراط في التدليل وعدم تحميلهم المسئولية شيئا فشيئا بينما هم يكبرون.

وأذكر أن الشيخ الشعراوي رحمه الله منذ فترة طويلة قال ذات مرة ما معناه أن في أزماننا هذه تجد الشاب سِنّه خمس وعشرون سَنة ولا يزال (عيِّل صِغيَّر)! كذا بنفس اللفظ، بينما كاتب هذه السطور – مثلا – يتحمل مسئولية نفسه، وزوجة، وأولاد، وهو في تلك السن التي ذكرها الشيخ الشعراوي رحمه الله، وما ذلك إلا لأن الوالد رحمه الله كان يعطينا في صغرنا شيئا فشيئا من المسئولية، ويتعامل معنا كرجال ونحن في سن الزهور، ولربما كان يصدر القرار في أمر كبير بناء على رأي أحدنا ونحن صغار ليرينا بأعيننا نتيجة آرائنا ويدربنا على أخذ القرار وتحمل نتيجته، وأظنه رحمه الله كان يفعل ذلك بالفطرة، لأنه تربى هكذا، ولم يكن يقصد شيئا تربويا، لأنه لم يقرأ في علم التربية كما نقرأ اليوم، وللأسف ربما نفشل في تربية أولادنا.

كما أذكر أن أحد الأصدقاء سمع رجلا سياسيا كبيرا وهو الدكتور أسامة الباز مرة يقول في محاضرة له: أخطر شيء يقابل الإنسان في هذه الدنيا تربية الأولاد…!

كما هو الحال مع ألأب والابن، فهو مع الأم والبنت تماما، فقد كانت الأم تعد البنت لتحمل المسئولية مستقبلا، لكونها تعلم يقينا أنه سيأتي اليوم الذي تكون ابنتها هذه زوجة لرجل وأمّا لأولاد وستتحمل المسئولية يوما ولا شك.

وأذكر شابين أعرفهما جيدا أحدهما لا يزال منذ خمسة عشر عاما لم يتزوج بسبب ما يجد من فتيات غير متحملات لمسئوليتهن، والأخر لولا توفيق الله ثم دعمي له، وتخويفي إياه من حال الأول، ونصحي له بتخفيض سقف طموحه في مواصفات شريكة حياته لما تزوج أبدا!

على كل حال هذا أمر حادث في مجتمعنا للأسف، ولكن لا يعني ذلك أنك لن تجد تلك الفتاة التي تتحمل مسئوليتها وتضطلع بمهام وواجبات بيتها وزوجها على أكمل وجه، فعليك البحث والصبر والتريث عند الاختيار، ولتعلم أخيرا أنك لن تجد ما تريد مائة في المائة لأن المثالية في كل شيء أمر نادر جدا بل ربما يكون مستحيلا!

كما لا يعني ذلك إحباطا ولا تيئيسا لك في أن تجد شريكة حياتك المناسبة، أبدا.. إنما عليك أن تلتمس الأعذار لفتيات أبائهن وأمهاتهن حالهم على الوجه الذي تقدم ذكره.

أسأل الله لك التوفيق والسداد. وشكرا. ربيع عبد الرؤوف الزواوي

FacebookTwitterPinterestGoogle +Stumbleupon